البحث عن الفطرة
البحث عن الفطرة
أيهما أولى: العدل أم الحرية؟ كان الخلاف الأساسي بين التيارات المختلفة يدور حول هذا السؤال، وكان السؤال الذي تطرحه الأيديولوجيات على الإسلام هل هو دين عدل أم دين حرية؟ وإذا تم اختيار أحدهما ظهر وصف أيديولوجي إضافي، ومع الأيام اكتشفت الدكتورة هبة أن الاختيار مضلل، وأنه لا حرية دون عدل، لكن الحرية لا يمكن تأجيلها ليتحقق العدل، فكيف يتم الحصول على العدل دون وجود حرية فردية وأنظمة تحكم بقانون طوارئ؟!
وبالرجوع إلى القرآن والسنة يجد المرء أن مدار الدين هو الرحمة؛ مفهوم يشمل معنى الحرية والعدل، ويعتمد على رد الناس إلى الفطرة، والمسألة كلها ليست محض أفكار نظرية، بل تتجلى في أصول الفقه وتفاصيل الحياة اليومية ودروس السنة والسيرة النبوية، فالقوانين وحدها لا تكفي لتنظيم المجتمعات، والحريات وحدها لا تحمي الحقوق، والسياسة عندما تفرغ منها العاطفة الإيجابية تصبح لعبة حسابات ومصالح.
وعلى الجانب الاجتماعي فالرحمة مفتاح التواصل والعدل والتواضع وإدراك أن الاختلاف سنة والعدل مسؤولية، ولذا فإن العلاقة الاجتماعية كالتحالف السياسي، والقواعد التي تحكم علاقات العمل ينبغي أن يتعامل فيها الإنسان باعتباره “إنسانًا”، فالفطرة مشترك إنساني رباني ورثه الجميع منذ نفخة الروح الأولى، واختلاف المصالح والعقائد يتم عبوره بهذه الفطرة السليمة، وفي زمن العولمة يركز البعض على المساواة التامة بين الناس بما يقلِّل من شأن الاختلاف والتنوع، حيث تظهر المساواة التامة في السوق العالمية حين يصبح الجميع مستهلكين، أما المساواة السياسية والاجتماعية فلا تشغل قوى الهيمنة العالمية، والنضال كل النضال إذن في أن يبقى الإنسان إنسانًا.
ويأتي سؤال المرحلة في كيف يبدأ الجميع في تحقيق معاني العدل والرحمة وتغيير الواقع المؤلم والانطلاق لصنع حضارة تاريخية!
الفكرة من كتاب في ظلال رمضان
يهلُّ على الجميع كل عام شهرٌ فيه ليلة خيرٌ من ألف شهر، أي ليلة بالعمر كله؛ يأتي ليجدِّد للمؤمن عقيدته في أيام مباركة من فريضة وعبادة ومغفرة وتهجُّد..
يكشف لنا هذا الكتاب أن هناك أبعادًا أخرى لرمضان، رابطًا المفاهيم الأخلاقية الفردية والجماعية بالإطار الإصلاحي العام مثل ربط قيم شهر رمضان من تراحم وتكافل وأداء الفرائض الفردية والجماعية بالإصلاح الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وما تحدثه العبادة من تغيير في وعي المسلم بالكون والزمن.
مؤلفة كتاب في ظلال رمضان
هبة رؤوف عزت: كاتبة ومدرسة مساعدة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، تخصَّصت في موضوعات المواطنة والعولمة وقضايا الفكر الإسلامي والحركات الإسلامية المعاصرة، زميل زائر بجامعة بيركلي في كاليفورنيا، وكلية الاقتصاد بجامعة لندن، ومحاضر زائر للمتدربين من الدعاة بدار الإفتاء المصرية، محرر مشارك لموسوعة أكسفورد عن الإسلام والمرأة الصادرة بالإنجليزية عام 2013م. لها العديد من الكتب والمؤلفات منها:
نحو عمران جديد.
المرأة والعمل السياسي: رؤية إسلامية.
الحداثة والسياسة: مأزق النظرية وأسئلة المستقبل.