مقتل عثمان وخلافة علي
مقتل عثمان وخلافة علي
تولى عليٌّ الخلافة إثر مقتل عثمان – رضي الله عنهما – كرابع الخلفاء الراشدين، وسار في حكمه على نهج الخلافة الدينية لا الدولة الدنيوية، حيث العدل والمساواة وحفظ أموال المسلمين ورعاية الضعفاء، فلا إجحاف لضعيف ولا محاباة لرؤساء، فمن وصاياه المكررة: “أنصفوا الناس من أنفسكم، واصبروا لحوائجهم فإنكم خُزَّان الرعية”، وكان يولي على أهل الأمصار أكثر الصحابة صلاحًا وأبلغهم نظرًا في عواقب الأمور وأكثرهم إعراضًا عن المطامع، وكان يغدق عليهم الأرزاق لتكون قوة لهم في صلاح أنفسهم وزهدًا فيما تحت أيديهم، وأقصى معظم بني هاشم عن الولاية مخافة العصبية القبلية، واتخذ – رضي الله عنه – من الكوفة عاصمة للخلافة؛ فهي ملتقى جميع الأجناس، وازدهرت فيها الكتابة واللغة وفنون الأدب المختلفة.
سيطرت على الدولة الإسلامية الاضطرابات والفتن والأحزاب المتفرقة والمتشعبة إثر مقتل عثمان، وانقسم النظام الاجتماعي للدولة إلى قسمين؛ قسم معاوية في الشام وما جاورها، وقسم علي بن أبي طالب في شبه الجزيرة العربية، وقد استطاع معاوية في الشام تدعيم أركان ولايته بسياسة وإتقان محكم ونجح في إرضاء العامة والشرفاء على حد سواء، ووسعت ثروة الشام كل صاحب حاجة مقيم بها أو ساعٍ إليها، وتعاقبت السنوات على وتيرة تمكن فيها من حماية ولايته من خطر الزوال، فما سمع بفتنة إلا بادر بها إلى الاستقرار إما بإغداق الأموال وإما بالنفي والإقصاء.
أما شبه الجزيرة العربية فكانت على النقيض، تجمعت فيها كل مظاهر الاضطراب من تنازع على الولاية والجاه وسخط الموالي والعبيد على حالهم بعد أن ذاقوا نعيم العدل والمساواة، وثورة النساك والحفاظ على أصحاب الترف والخلاف راغبين في الإصلاح والتغيير، فعمل الإمام على وأد تلك الفتن وإعادة تجميع جسد الأمة المتناثر، فعزل الولاة الذين استباحوا أموال المسلمين وجنب الطامعين فى الإمارة فتنة الولاية، وفرض على الولاة الرفق بالرعية.
وعلى الرغم من عنايته باستطلاع أحوال الولاة والعمال كان ينهى أشد النهي عن كشف عيوب الناس، واستقام له الحكم في معظم الأمصار عدا القليل كالشام ومكة وغيرهما، وحال دون توحيد الصفوف انشقاق الأمة وانقسام الآراء بشأن القصاص من قتلة عثمان، إضافة إلى ذلك الأطماع والنزعة القبلية والمصالح التجارية. وانتهت خلافة الإمام علي بقتله في المسجد على يد عبد الرحمن بن ملجم وجماعة من الخوارج، وبذلك انتهى عصر من عصور الخلافة الراشدة التي استلهمت نهجها من عصر النبوة.
الفكرة من كتاب عبقرية الإمام علي
“لقد تربى علي بن أبي طالب في البيت الذي خرجت منه الدعوة الإسلامية، وعرف العبادة من صلاة النبي وزوجه الطاهرة قبل أن يعرفها من صلاة أبيه وأمه”.. يتناول العقاد شخصية الإمام علي بالدراسة والتحليل من جهة الفكر تارة، ومن جهة العاطفة تارة أخرى، فهو الإمام ذو الفطنة؛ فعلمه غزير وقوله فصل وحكمه عدل ونطقه حكمة، وهو الفقيه الزاهد الثابت على الحق، رابع الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة.
مؤلف كتاب عبقرية الإمام علي
عباس محمود العقاد: أديب ومفكر وصحفي وشاعر مصري، يعدُّ أحد أهم كتَّاب القرن العشرين، ساهم على نحو كبير في الحياة الأدبية والسياسية، ومنحه الرئيس جمال عبد الناصر جائزة الدولة التقديرية في الآداب، غير أنه رفض تسلمها كما رفض الدكتوراه الفخرية من جامعة القاهرة.
من أهم مؤلفاته: “سلسلة العبقريات والفلسفة القرآنية والتفكير فريضة إسلامية وأنا” وغيرها من الكتب، وله رواية واحدة بعنوان “سارة”.
ولد العقاد في أسوان عام 1889م، وتوفي في القاهرة عام 1914م، بعد أن أثرى المكتبة العربية بأكثر من مائة كتاب في مختلف المجالات.