من الحرب تأتي الحلاوة
من الحرب تأتي الحلاوة
وُلدت المسيحية في المدن القريبة من البحر الأبيض المتوسط، ولكن مع توسُّع الإسلام وانتشاره لم يعد المسيحيون يحكمون هذه الأراضي المُقدَّسة، فبدأت في عام 1095 ميلاديًّا الحروب المُسمَّاة بالحملات الصليبية، وكانت هذه الحملات أكثر من مجرد معارك دموية، لكن كانت أيضًا عملية تبادل للمعلومات، وبسبب اتصال الأوروبيين بالمسلمين بدأ الأوروبيون في الانفتاح، وتعلَّموا الرياضيات، وأيضًا تعلموا كيفية بناء طواحين الهواء، فاستفادوا من الأراضي المهدورة، وزاد إنتاج الغذاء، فاستعادت أوروبا من المسلمين قوَّتها، وعُرِفت حروب الأوربيين ضد المسلمين بالسكر، وعندما سار الأوروبيون إلى الأراضي المقدسة لاحظوا بعض النباتات حلوة المذاق المُسمَّاة بقصب العسل.
لكن فشلت هذه الحملات في الأراضي المقدسة، فقاموا بمراقبة الجزر الخصبة في البحر الأبيض المتوسط مثل صقلية وقبرص، وبدؤوا بتطبيق المهارات التي تعلَّموها من المسلمين، منها: كيفية زراعة قصب السكر، وكيفية صنع السكر، وكانت هذه معلومات مهمة بالنسبة لهم، لما تواجهه صناعة السكر من تحديات خاصة، وأولى هذه المشاكل المتعلقة بالقصب هي الوقت، حيث رأى المزارعون أنه حينما تخترق السكين القصب، يبدأ العصير الحلو داخل القصب بالتصلُّب والتخشُّب، وإذا لم يتم غلي القصب في غضون ثمانٍ وأربعين ساعة فسوف يفسد، وفي حين أن أكوام القصب ثقيلة ومن الصعب تحريكها، كان السكر يأتي في هيئة بلورات صغيرة سهل تعبئتها وشحنها عن طريق البحر، ونتيجة لذلك كان الوقت حقًّا للمزارعين يعني المال، فكانت الطريقة الوحيدة لصنع المزيد من السكر هي تكوين جيش من العمال في الحقول يقومون بقطع القصب وحمله وتحويله إلى سائل وغليه، ليتحوَّل إلى سكر.
ولتشغيل هذه المزارع قام المسلمون إضافةً إلى المسيحيين باستغلال عبيدهم، وكان معظم هؤلاء العبيد من الروس، أو أي شخص تم أسره في الحرب، وبعد كل ذلك لم يتم حل المشكلة الثانية المتعلقة بصناعة السكر، ألا وهي الحاجة إلى كمية كبيرة من الخشب للحرق للحفاظ على درجة الغليان، فاستخدم المزارعون فيما بعد سيقان القصب كوقود، إلا إنه سرعان ما ظهرت مشكلة أخرى، وهي عدم توافر الأراضي الغنية التي يمكن أن يُزرَع فيها قصب السكر، وفي الوقت نفسه قريبة من الماء لتسريع الشحن إلى الشواطئ البعيدة.
الفكرة من كتاب كيف غيَّر السكر العالم؟ قصة عن السحر، التوابل، العبودية، الحرية، والعلم
عندما يُذكر السكر في الصحف، يتكلَّم النقاد عن كمية الطعام الذي نأكله، وليس الذين عملوا في صناعته، ويحذِّر الأطباء من كون الشباب يكتسبون وزنًا كبيرًا من تناول الوجبات الخفيفة السكرية، ويقلق أولياء الأمور على صحة الأطفال الذين يستهلكون الكثير من المشروبات الغازية، لكن لا أحد يفكِّر من أين تأتي هذه الحلاوة.
فيحاول المؤلفان هنا عرض ما أحدثه السكر من تغيُّرات في العالم، وكيف ارتبطت صناعته بتجارة العبيد في العالم؟ وما علاقة السكر بالسحر والعبودية؟ وما تأثير إنتاج السكر في العالم اقتصاديًّا وثقافيًّا!
مؤلف كتاب كيف غيَّر السكر العالم؟ قصة عن السحر، التوابل، العبودية، الحرية، والعلم
مارك أرونسون: أستاذ، ومتحدث، ومحرِّر يؤمن بذكاء الشباب وقوة عاطفته، ويرى أن مهمته هي إلهام الشباب لطرح الأسئلة، وله العديد من المؤلفات، منها:
Traped.
One Death, nine stories.
مارينا بودوس : مؤلفة حائزة على جوائز عدة في مجال الكتب الخيالية والواقعية، وبما في ذلك جائزة ALA، ومن مؤلفاتها:
Ask Me No Question.
Watched.
The Long Ride.
المترجمة: فاطمة نعيمي