من السحر إلى التوابل
من السحر إلى التوابل
حقَّق الإسكندر الأكبر وجنوده اليونانيون العديد من الانتصارات، حتى استطاعوا هزيمة الفرس الشجعان، لكن وهن رجاله وحنُّوا لوطنهم، فأدرك الإسكندر أنه لا يمكنه تكملة غزو آسيا، ولكن لم يستطع التوقف عن الاستكشاف، فكوَّن أسطول من 800 سفينة، وعيَّن صديقه نيارخوس قائدًا عليه، وبعثهم لاستكشاف ساحل الهند، وعندما أبحر نيارخوس وجد القصب الذي ينتج العسل، حيث يمكنك أن تتذوَّق حلاوته عبر عصره بين أسنانك، ولكن لم يتخيَّل أحد حينئذٍ أن ذلك القصب سيضع حدًّا للعالم.
أما اكتشاف قصب السكر فيُنسَب إلى الجزيرة التي تُسمَّى غينيا الجديدة الآن، حيث زرع البشر القصب في هذه الجزيرة قبل الإغريق بحوالي خمسة آلاف سنة أو أكثر، ففي الأول كان قصب السكر يُعدُّ من النباتات البرية ذات المذاق الجيد، وفيما بعد عرف الناس كيف يزرعونه، فانتشرت من غينيا الجديدة أخبار النبتة ذات المذاق الحلو إلى البر الآسيوي، وأيضًا أخذ البحَّارة البولينيزيون قصب السكر معهم وهم يبحرون، حتى وصلوا إلى جزيرة هاواي حوالي 1100 للميلاد، ولكن أول سجل مكتوب عن السكر في الهند، حيث كان يُستخدم كقربان شكر في الاحتفالات الدينية والسحرية، ونرى في الكتابات الهندوسية دينًا يعدُّ النار ذات أهمية كبيرة، حيث كانت وسيلة البشر للوصول إلى الآلهة، فكان يحرق الكاهن القرابين ويحوِّلها إلى دخان، ويرسلها إلى الآلهة، ووقع الاختيار على خمسة مكونات لهذا الحرق الإلهي، وهي: الحليب، والجبن، والزبدة، والعسل، وقصب السكر.
فأصبح قصب السكر جزءًا لا يتجزَّأ من الاحتفالات النارية، لكن بعد إتمام هذه الطقوس لاحظ الكاهن أن عصير القصب بعد غليه لوقت طويل، يتبلور ويتحوَّل إلى كتلة بنية داكنة، فاعتقد أن هذا التحوُّل يبدو شيئًا سحريًّا، وعلى الرغم من استخدام الهنود للسكر في الطقوس، فإنهم لم يتوقَّفوا عن التمتُّع بحلاوته، وكان أيضًا للسكر استخدام آخر في الهند القديمة، ألا وهو الدواء، وتوسَّع عالم السكر يومًا بعد يوم، وانتشر بصورة أكبر بسبب عاصفة الإسلام، ومع انتشاره في بلاد فارس، واليونان، كان الطهاة الذي يعملون عند الأغنياء يعتبرونه من التوابل من خلال مزجه بنكهات أخرى.
الفكرة من كتاب كيف غيَّر السكر العالم؟ قصة عن السحر، التوابل، العبودية، الحرية، والعلم
عندما يُذكر السكر في الصحف، يتكلَّم النقاد عن كمية الطعام الذي نأكله، وليس الذين عملوا في صناعته، ويحذِّر الأطباء من كون الشباب يكتسبون وزنًا كبيرًا من تناول الوجبات الخفيفة السكرية، ويقلق أولياء الأمور على صحة الأطفال الذين يستهلكون الكثير من المشروبات الغازية، لكن لا أحد يفكِّر من أين تأتي هذه الحلاوة.
فيحاول المؤلفان هنا عرض ما أحدثه السكر من تغيُّرات في العالم، وكيف ارتبطت صناعته بتجارة العبيد في العالم؟ وما علاقة السكر بالسحر والعبودية؟ وما تأثير إنتاج السكر في العالم اقتصاديًّا وثقافيًّا!
مؤلف كتاب كيف غيَّر السكر العالم؟ قصة عن السحر، التوابل، العبودية، الحرية، والعلم
مارك أرونسون: أستاذ، ومتحدث، ومحرِّر يؤمن بذكاء الشباب وقوة عاطفته، ويرى أن مهمته هي إلهام الشباب لطرح الأسئلة، وله العديد من المؤلفات، منها:
Traped.
One Death, nine stories.
مارينا بودوس : مؤلفة حائزة على جوائز عدة في مجال الكتب الخيالية والواقعية، وبما في ذلك جائزة ALA، ومن مؤلفاتها:
Ask Me No Question.
Watched.
The Long Ride.
المترجمة: فاطمة نعيمي