وتأتيك العدوى من حيث لا تدري!
وتأتيك العدوى من حيث لا تدري!
على الصعيد الآخر بعض الأمراض يُصاب بها الإنسان من خلال العدوى المنتقلة إليه من أخيه الإنسان، وهذه الأمراض تتأثر تأثرًا واضحًا بالبيئة والمناخ والوضع الاقتصادي والغذائي، بل وبعض الأمراض تتأثر بوجود أمراض أخرى كالسل الذي يتأثر بوجود مرض الإيدز، لأنه يتسبب في نقص المناعة فتصبح الإصابة به أسهل، وينتقل مرض السل من خلال الجهاز التنفسي من المصاب به إلى الصحيح، ويُكتَشَف من خلال اختبار الجلد والبصاق، والعلاج يكون عن طريق الأدوية المضادة بشرط أن يؤخذ بشكل سليم وبمتابعة الطبيب لأن التساهل في التداوي يسبب انتكاسات صحية.
ومن الأمراض المعدية كذلك التهاب الكبد الفيروسي (C بشكل خاص)، الذي ينتشر بين الرجال أكثر من النساء، وتتعدد أسبابه بين السموم والمواد الكيميائية والكحول والفيروسات والأمراض المناعية، ويتأثر بالوضع الجغرافي فنجده منتشرًا في البلاد النامية أكثر من غيرها، وكذلك منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، وأعراض هذا المرض تتراوح بين من يشعر به ومن لا يشعر به، والأعراض تشمل الإرهاق وسرعة التعب وضعف الشهية وآلامًا في العضلات، ينتقل هذا المرض عن طريق الدم، لمن يتساهلون في استعمال الإبر المستعملة وغير المعقمة وينتقل بين مدمني المخدرات وعن طريق الاتصال الجنسي غير المشروع، ويعيب لقاح هذا الداء غلو ثمنه، ويجري العمل اليوم على إنتاج نسخة مخفضة.
وتعد الملاريا من أكبر الأمراض المعدية فتكًا بالبشر، وخصوصًا سكان المناطق الحارة والمناطق التي تكثر بها المستنقعات والمياه الراكدة المتكونة بعد هطول الأمطار، تنتقل الملاريا عن طريق بعوضة الأنُوفِلِيس ومن ثم إلى الكبد مباشرة وصولًا إلى كريات الدم الحمراء، مسببة ارتفاعًا في درجة حرارة الجسم والرعشة والعرق الغزير، ويمكن مكافحة هذا المرض بالتركيز على تجفيف تلك المستنقعات والبرك التي يكثر بها البعوض الناقل للمرض وردمها أو رشها بمواد كيميائية، كذلك فحص القادمين من البلاد الموبوءة الذين قد يكونون حاملين للمرض.
هناك أيضًا البِلْهَارْسِيا وهي كالملارْيا من الأمراض الفتاكة المنتشرة بكثرة والمتعلقة بالماء الملوث، فهو البيئة الخصبة لتكون قواقع البلهارسيا الناقلة للمرض عن طريق الشرب أو الاستحمام في تلك المياه، خصوصًا مياه البحيرات التي تتكون نتيجة لإنشاء السدود كما حصل في مصر في بحيرة ناصر المتكونة خلف السد العالي. والأمراض المعدية كثيرة متنوعة متفاوتة، لكن هذه الأربعة هي الأبرز انتشارًا بين البشر ولفترات طويلة.
الفكرة من كتاب مدخل إلى الصحة العامة
كلما تقدم الإنسان حضاريًّا دفع ضريبة ذلك التقدم، إما من ماله وإما من صحته وإما منهما معًا، وقد تكون الصحة في ذيل قائمة أولوياته من غير أن يشعر، فوفرة المطاعم السريعة والمصانع العاملة والحياة المترفة جلبت معها فواتير باهظة يدفعها الإنسان على عتبات المستشفيات ومراكز التغذية والأندية الرياضية، والعاقل من اتبع منهج الوقاية قبل العلاج.
مؤلف كتاب مدخل إلى الصحة العامة
زهير أحمد السباعي: أستاذ طب الأسرة والمجتمع، حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة عين شمس بالقاهرة عام 1963م، وعلى دبلوم طب المناطق الحارة من معهد “برنارد نوخت” لطب المناطق الحارة بهامبورغ في ألمانيا عام 1965م، كما حصل على ماجستير في الصحة العامة من جامعة “جونز هوبكنز” بالتيمور بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1966م، وكذلك الدكتوراه في الصحة العامة من جامعة جونز هوبكنز عام 1969م، وله مؤلفات عدة في هذا الباب منها:
الطبيب: أدبه وفقهه.
تعليم الطب باللغة العربية.
الرعاية الصحية: نظرة مستقبلية.