أمراض العمر
أمراض العمر
هناك أمراض أخرى يُصاب بها الإنسان إما إهمالًا وإما وراثة، لكنها تختلف عن غيرها في ملازمتها للإنسان وصعوبة الشفاء منها نهائيًّا إلا أن يشاء الله، أمراض كالسكري والسرطان بأنواعهما المختلفة، فداء السكري مثلًا داء عُرف منذ القدم، وسببه الأساسي نقص في هرمون الأنسولين الذي يفرزه البنكرياس فينتج عنه خلل في مستويات السكر في الدم، ونتيجة لسوء التغذية وقلة الحركة مع عوامل الوراثة، فكل الفئات العمرية معرضة للإصابة بالسكري سواء النوع الذي يُعالج بالأنسولين أم الذي يُعالج بالأدوية فقط، وأعراض الإصابة به شائعة جدًّا، فهناك العطش الشديد ونقصان الوزن وإدرار البول، وقد يبدأ الداء صغيرًا ثم يستفحل فيتناول الجهاز العصبي والدورة الدموية ويمتد تأثيره إلى العينين والكليتين.
وفقر الدم المنجلي من الأمراض المزمنة أيضًا، وسببه وجود هيموجلوبين شاذ مختلف في الدم عن باقي كريات الدم الحمراء، بعض هذه الأنواع الشاذة لا يتسبب في المرض، وتزداد نسبة الإصابة به مع وجود العوامل الوراثية، تكمن المشكلة هنا في أن الإصابة به تعني ضعف كريات الدم الحمراء على نقل الأكسجين إلى خلايا الجسم، ومن ثم تضرر عملية الاحتراق والتمثيل الغذائي، وأعراضه تتمثل في الخمول والإعياء وآلام في الجسم خصوصًا البطن، ويمكن تفادي هذا كله بالتشخيص المبكر خصوصًا للأطفال الحديثي الولادة، والفحوصات قبل الزواج للتأكد من سلامة الزوجين.
أما السرطان، فهو نمو غير منتظم لبعض خلايا الجسم مما يجعلها تتكاثر، وتتعدد أنواع السرطانات وأسبابها بين الوراثة والعوامل البيئية المختلفة كالتعرض لبعض الإشعاعات والمواد الكيميائية، كما يتأثر بالفئة العمرية والجنس، فأكثر ما تُصاب به الإناث سرطان الثدي وعنق الرحم والغدد اللمفية، وأكثر ما يُصاب به الذكور سرطان الفم والرئة والمريء والغدد اللمفية، وفي الماضي لم يكن لدى النساء الوعي والجرأة الكافية لاتخاذ خطوة التشخيص والعلاج في سرطانات الثدي وعنق الرحم، ذلك التأخر كان مؤثرًا في سرعة اكتشاف المرض ومن ثم تفادي عديد من المضاعفات، إلا أنه مع التقدم الصحي والتوعوي زاد اهتمام النساء بالصحة والفحوصات الدورية.
وبعض العادات كالتدخين مثلًا تتسبب في زيادة نسبة الإصابة بسرطان الرئة على عكس غير المدخنين، كذلك العلاقة بين عادة مضغ التبغ في بعض المناطق كجنوب المملكة والإصابة بسرطان الفم والحنجرة.
هناك عادات أخرى قد لا تسبب أمراضًا مزمنة، لكنها -لا قدر الله- قد تتسبب في إعاقة مزمنة، كقيادة السيارات المتسببة في أكبر سبب للوفيات في العالم في حوادث الطرق، والوقاية تكمن في اتباع إجراءات السلامة وتعوُّد ربط حزام الأمان مع الالتزام بالسرعة القانونية.
الفكرة من كتاب مدخل إلى الصحة العامة
كلما تقدم الإنسان حضاريًّا دفع ضريبة ذلك التقدم، إما من ماله وإما من صحته وإما منهما معًا، وقد تكون الصحة في ذيل قائمة أولوياته من غير أن يشعر، فوفرة المطاعم السريعة والمصانع العاملة والحياة المترفة جلبت معها فواتير باهظة يدفعها الإنسان على عتبات المستشفيات ومراكز التغذية والأندية الرياضية، والعاقل من اتبع منهج الوقاية قبل العلاج.
مؤلف كتاب مدخل إلى الصحة العامة
زهير أحمد السباعي: أستاذ طب الأسرة والمجتمع، حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة عين شمس بالقاهرة عام 1963م، وعلى دبلوم طب المناطق الحارة من معهد “برنارد نوخت” لطب المناطق الحارة بهامبورغ في ألمانيا عام 1965م، كما حصل على ماجستير في الصحة العامة من جامعة “جونز هوبكنز” بالتيمور بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1966م، وكذلك الدكتوراه في الصحة العامة من جامعة جونز هوبكنز عام 1969م، وله مؤلفات عدة في هذا الباب منها:
الطبيب: أدبه وفقهه.
تعليم الطب باللغة العربية.
الرعاية الصحية: نظرة مستقبلية.