لكم ديمقراطيتكم ولنا المقاومة
لكم ديمقراطيتكم ولنا المقاومة
احتكر البنتاجون جميع الميكروفونات طوال الحرب، وكان جدول التحركات والأعمال مرسومًا للصحفيين مسبقًا، لم تهتم أي وسيلة إعلام بجبهة المقاومة، فقد كانت الولايات المتحدة تضعها في نفس مستوى القاعدة، وتصنفهم جميعًا إرهابيين، لم يعرف العالم الغربي شيئًا منفصلًا يسمى المقاومة العراقية.
بعد تدمير الفلوجة، التي كانت مركزًا لجماعات المقاومة، وتسويتها بالأرض عام 2007م، تركزت المقاومة في مدينة الرمادي التي تعد قريبة من العاصمة بغداد، ولحقت بالأمريكيين هناك خسائر فادحة، تهرب الجنود من الخدمة، وساعدهم العراقيون على الهروب إلى الأردن، وما إن ثبت العراقيون أقدامهم في الرمادي، حتى رأوا مجندي القاعدة يتوافدون إليهم، لم يمانع سكان الرمادي في أول الأمر، لكن المقاومة العراقية رفضت نهج القاعدة الذي لا يميز بين المجندين والمدنيين، اتفق معهم شيوخ العشائر، وامتنع سكان الرمادي عن تقديم أي عون لأعضاء القاعدة، وكعادة أي حركة مقاومة تعتمد في أساسها على التخفي والسرية، لم تستطع القاعدة الصمود في أي محافظة رفضها فيها السكان، وأصبحت الرمادي خالصة للمقاومة، يجابهون فيها عدو العراق، ويجاهدون للتحرر دون مساعدة الأجانب أو المرتزقة.
لا ترى الولايات المتحدة، ويتبعها الغرب، مستقبلًا واضحًا للعراق دون مشاركة أطراف أجنبية، ويكون التبرير دائمًا الخوف من الحرب الأهلية، لم يكن لهذا المعنى وجود قبل الاجتياح الأمريكي، إذ تمتعت محافظات العراق بخريطة إثنية متنوعة ومتجانسة للغاية، لم ينفجر هذا الغضب الديني سوى في الفترة التي وجد بها الأمريكيون، لقد فشلت كل المحاولات الأمريكية في تأسيس شرطة وجيش يعتمد عليهما في بغداد، ذلك لأن جميع الضباط الأكفاء لا يقبلون التعاون مع الولايات المتحدة، هم إما في المقاومة وإما في الخارج، لقد بكى زيد وجيله مع آبائهم حين رأوا صدام على المشنقة الأمريكية، ولم يبخل عليهم الأمريكيون بالدماء طوال حياتهم، وعندما حرقوا واقتلعوا أشجار النخيل في بغداد والفلوجة، نزعوا معها كل عاطفة من قلوبهم.
الفكرة من كتاب لماذا تقتل يا زيد؟ قصّة حقيقة للمُقاومة العراقية
كان احتلال العراق عام 2003م، صدمة أليمة لجميع الباحثين عن العدالة حول العالم، لقد انتهك المعقل الحر ومبشر الديمقراطية جميع القوانين التي سنت وسوف تسن، وسُمي ضحايا العراق من المدنيين أضرارًا وخسائر جانبية، ثم أدت ترسانة الإعلام الغربية دورها المعتاد، الذي لم يكتفِ باللا شيء هذه المرة، لكنه قال ما شاء له البنتاجون.
من خلال قصة زيد ورفاقه في المقاومة العراقية، يقدم لنا يورجن تودينهوفر توثيقًا مضادًّا للرواية الرسمية، إذ يتبدل موضع الإرهابي والضحية، ونرى وجه المستعمر القديم الذي لم تتغير أهدافه كثيرًا، ويفسح مكانًا لقصة الطرف الآخر، نسمع مباشرة من الذين يناضلون من أجل تحرر شعبهم، إنها حكاية من حكايات معذبي الأرض.
مؤلف كتاب لماذا تقتل يا زيد؟ قصّة حقيقة للمُقاومة العراقية
يورجن تودينهوفر: كاتب سياسي وصحفي، وعضو بالبرلمان الألماني، وُلد بألمانيا عام 1940م، درس القانون في جامعات ميونخ وباريس، وبدأ عمله السياسي عضوًا في حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، سافر إلى أفغانستان في أثناء الاحتلال السوفييتي، وعمل على جمع التبرعات لضحايا الحرب، كما كان من أبرز المنددين بحروب الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، من مؤلفاته:
من يبكي على عبدول وتانيا؟
أندي ومروة: طفلان جمعتهما الحرب.
عن المترجم:
حارس فهمي سليم: وُلد في محافظة سوهاج في مصر، حاصل على الدكتوراه في علوم الترجمة من جامعة الروم في ألمانيا، يعمل مدرسًا في قسم اللغة الألمانية في كلية الترجمة بجامعة الأزهر، شارك في ترجمة كتاب “أحلام الخليفة” من تأليف المستشرقة الألمانية آني ماريا شمل.