زمن المستضعفين
زمن المستضعفين
لقد اعتاد العرب رد فعل باردًا طوال الوقت من أوروبا، وحين تكون الولايات المتحدة مشاركة في الجريمة، ينعدم هذا الرد، ويسود الصمت في وسائل الإعلام، ربما يعتقد البعض أن الميديا الموجهة لا توجد إلا في الدول النامية، هناك وراء المحيط، أما إعلام العالم الحر، فلا ينطق سوى الحق، لكن ما يُعرض على التلفاز دائمًا ما كان مختلفًا عما جرى في موقع الأحداث، تُخفى الحقائق بذكاء، ويُعتنى بها قبل أن تصل إلى المشاهد الأوروبي، ومنذ بسطت أمريكا نفوذها على العالم، شرعت في تقسيم الشعوب إلى أخيار وأشرار، ويجب على جميع هؤلاء الأخيار أن يكونوا دائمًا أصدقاء للولايات المتحدة، وعلى كل حال فالأشرار يستحقون ما يحدث لهم.
لسوء الحظ، وقع العالم العربي في الجانب الخطأ، وتجرعت الشعوب الإسلامية حماقات من ملكوا القوة الباطشة، ربما يَدعي الساسة والقادة ميلهم إلى معرفة الحقيقة، ولكنهم لا يفعلون أكثر من الادعاء، وتُظهر خطابات أصحاب القوى العظمى جهلهم التام بتلك الشعوب التي يقررون لها، أو الدول التي يشنون حروبهم عليها، في المقابل، فالعرب يعرفون عن الغرب وسياسته أكثر بكثير، لا تترك هذه الأقوال مساحة لحسن الظن، بل تجعلنا نخشى الحماقة التامة التي يُحكم بها العالم، ونتساءل كثيرًا حول علاقة الغباء والسلطة.
إن تلك الصورة الوحشية عن الشعوب الأخرى، غالبًا ما تتخذها الدول الكبرى وسيلة تبرير أمام مواطنيها للانخراط في حرب دموية ليس لها داعٍ، لقد حدث ذلك في أفغانستان وإيران وسوريا، وتكرر أخيرًا في العراق، ولم يخيِّب الرأي العام ظن أمراء الحرب في أي مرة، فهل علينا أن نصدق أن كل العرب والمسلمين في كل البلاد التي تمارس فيها الولايات المتحدة لعبة القوة، يتحولون فجأة إلى إرهابيين وهمج؟ ما الذي يفعله المرء إذا أراد معرفة الحقيقة؟ قبل كل شيء عليك حاليًّا أن تحذر من كل ما يقوله البنتاجون عما يحدث خارج الولايات المتحدة.
الفكرة من كتاب لماذا تقتل يا زيد؟ قصّة حقيقة للمُقاومة العراقية
كان احتلال العراق عام 2003م، صدمة أليمة لجميع الباحثين عن العدالة حول العالم، لقد انتهك المعقل الحر ومبشر الديمقراطية جميع القوانين التي سنت وسوف تسن، وسُمي ضحايا العراق من المدنيين أضرارًا وخسائر جانبية، ثم أدت ترسانة الإعلام الغربية دورها المعتاد، الذي لم يكتفِ باللا شيء هذه المرة، لكنه قال ما شاء له البنتاجون.
من خلال قصة زيد ورفاقه في المقاومة العراقية، يقدم لنا يورجن تودينهوفر توثيقًا مضادًّا للرواية الرسمية، إذ يتبدل موضع الإرهابي والضحية، ونرى وجه المستعمر القديم الذي لم تتغير أهدافه كثيرًا، ويفسح مكانًا لقصة الطرف الآخر، نسمع مباشرة من الذين يناضلون من أجل تحرر شعبهم، إنها حكاية من حكايات معذبي الأرض.
مؤلف كتاب لماذا تقتل يا زيد؟ قصّة حقيقة للمُقاومة العراقية
يورجن تودينهوفر: كاتب سياسي وصحفي، وعضو بالبرلمان الألماني، وُلد بألمانيا عام 1940م، درس القانون في جامعات ميونخ وباريس، وبدأ عمله السياسي عضوًا في حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، سافر إلى أفغانستان في أثناء الاحتلال السوفييتي، وعمل على جمع التبرعات لضحايا الحرب، كما كان من أبرز المنددين بحروب الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، من مؤلفاته:
من يبكي على عبدول وتانيا؟
أندي ومروة: طفلان جمعتهما الحرب.
عن المترجم:
حارس فهمي سليم: وُلد في محافظة سوهاج في مصر، حاصل على الدكتوراه في علوم الترجمة من جامعة الروم في ألمانيا، يعمل مدرسًا في قسم اللغة الألمانية في كلية الترجمة بجامعة الأزهر، شارك في ترجمة كتاب “أحلام الخليفة” من تأليف المستشرقة الألمانية آني ماريا شمل.