تأثير المشي في المجتمع
تأثير المشي في المجتمع
رحلة كاتبنا “دان” الثالثة كانت إلى الدائرة الثانية والعشرين في مدينة فِلادِلفِيا المشهورة بانتشار الجريمة بها، وكان يبحث عن إجابة سؤال: هل سيمنع المشي الجرائم أيضًا؟ وقد كتبت الصحفية الأمريكية “جَاين جَيكُوبس” في كتابھا “موت المدن الأمریكیة العظمى وحیاتھا”: إن الحل للحفاظ على نظام من الأمن والحرية داخل المدن، يكمن في تشجيع منظومة تقوم على استخدام أرصفة المشاة وعلى استمرار تلاقي أعين المواطنین حتى يشعر المواطنون بالاتحاد.
إذ ترى “جَيكُوبس” وآخرون أن تَدفُّق المُشاة في الشوارع يُمكن أن يُوَحِّد مدينة كاملة ويُقلِّل من الجرائم المُرتكبة بها، لأن المشي راجِلًا يمنح فرصة أكبر للتفاعل والمشاركة الوجدانية مع من حولك ومن تعيش بينهم.
يؤمن بهذه النظرية المسؤولون عن دائرة الشرطة الثانية والعشرين بفِلادِلفِيا التي تفرض دوريات راجِلَة في المنطقة، وقابل “دان” اثنين من الضباط المُكلفين بإحدى هذه الدوريات “نُولان” و”فَارِيل” وقالا إن مهمتهما ليست الاعتقال وإنما الاحتواء، لأن هدف وجودهما هو خدمة المواطنين وحمايتهم.
وقال الرقیب المشرف على هذه الدوریات إن جوھر العمل الشرطي ھو الحدیث مع الناس، وإن التعليم الحقيقي يحصل عليه رجال الشرطة من خلال العمل في مدن كتلك والتعامل مع قاطنیھا، فعندما يمشي رجال الشرطة على أقدامهم، يراهم المواطنون بشرًا مثلھم والعكس بالعكس.
وفي الإطار نفسه، قرر شخص يُدعى “مَاتْ جرِين” أن يتخذ مهمة تتلخص في مشيه في كل شارع في مدينة نيويورك، بهدف دحض المسلمات السلبية التي شاعت عن المدينة وسُكانها،وحقق هدفه وكسر خوفه من الغرباء ولم يتعرض لأي موقف عنيف، بل إن أكثر الناس الذين ظن بأنهم خطرون كانوا أكثر الناس ودًّا.
لقد لجأ كل مِن “مَاتْ جرِين” وقوة الشرطة في فِلادِلفِیا إلى المشي، كي یزدادوا معرفةً بأنفُسھم وبالمجتمعات التي یعیشون فیھا، فرؤية أي مدينة من نافذة سيارة تختلف اختلافًا تامًّا عن رؤيتها سيرًا على الأقدام.
الفكرة من كتاب خُلقت لأمشي: قوة التغيير الكامنة في ممارسة المشي
في رأيك، ما الفعل الذي تمارسه يوميًّا ولا يحتاج منك إلى أي تفكير أو جُهد وإنما تفعله فقط؟ هل هو الأكل؟ أم الشرب؟ أم المشي؟ يبدو فعل المشي مناسبًا أكثر، فقد تعلمناه منذ الصغر ولم يختلف منذ ذلك الحين، وهدفه واضح وصريح، وهو نقلنا من مكان إلى آخر، لكن هل هذه هي كل القصة؟
يرى كاتبنا “دَانْ رُوبِنستَايْن” أن قصة المشي لها أبعاد أخرى تتخطى ما قُلناه، وفي سبيل اكتشافها قرر أن يتخذ المشي مهنة له، ولتحقيق ذلك تواصل مع عدد من الناس كان يقرأ أعمالهم عن المشي، وكانوا مؤمنين مثله بأنه يمكن لشيء بسيط كهذا أن يكون له تأثير عظيم في حياة البشر، وسافر إلى أماكن عديدة خرج منها بهذا الكتاب الذي يُعد نتاج تجربة شخصية وصحفية عن حقيقة ذلك الفِعل وتبعاته البعيدة عن البساطة.
مؤلف كتاب خُلقت لأمشي: قوة التغيير الكامنة في ممارسة المشي
دان روبنستاين: كاتب ومُحرر حائز على جائزة المجلة الوطنية، كتب مقالات في مجلات مثل: The Walrus وThe Economist، ويعمل حاليًّا كاتبًا في جامعة كارلتون.
ومن أعماله:
R & Company: 20 Years of Discovery.