حمراء الأسد
حمراء الأسد
ندم المشركون على انصرافهم بعد غزوة أُحُد وأرادوا استئناف القتال في اليوم التالي، فخرج المسلمون لقتالهم في حمراء الأسد، وأمر رسول الله ﷺ ألا يخرج إلا من شهد القتال في أُحد، واستأذنه عبد الله بن سلول فقال: “لا”، واستأذنه جابر (رضي الله عنه) الذي ظهر صدقه قائلًا: “يا رسول الله إني أحب ألا تشهد مشهدًا إلا كنتُ معك، وإنما خلفني أبي على بناته، فأذن لي أسير معك…” فأذن له، فكانت أول مرةٍ يخرج فيها للقتال، وإن انسحب المشركون ولم يقع قتال.
وفي طريق العودة سأله ﷺ: “يا جابرُ ما لي أراكَ منكسِرًا؟ قلتُ: يا رسولَ اللَّهِ استُشْهِدَ أبي، وترَكَ عيالًا ودَينًا، قالَ: ألا أبشِّرُكَ بما لقيَ اللَّهُ بِهِ أباكَ؟ قالَ: بلَى يا رسولَ اللَّهِ. قالَ: ما كلَّمَ اللَّهُ أحدًا قطُّ إلَّا من وراءِ حجابهِ، وأحيَى أباكَ فَكَلَّمَهُ كِفاحًا، فقالَ: تمنَّ عليَّ أعطيكَ، قالَ: يا ربِّ تُحييني فأُقتَلَ فيكَ ثانيةً، قالَ الرَّبُّ تبارك وتعالى: إنَّهُ قد سَبقَ منِّي أنَّهم لا يُرجَعونَ، قالَ: وأُنْزِلَت هذِهِ الآيةُ: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا…﴾”، وبذلك ينقل النبي ﷺ جابرًا من ضيق الهموم في الأرض إلى رحابة السماء ورحمة الله.
كان شابًّا ناهز عمره العشرين، لكن كان لديه حِمل كبير يحتاج إلى التفكير فيه بطريقة من هو أكبر منه في اكتهال اضطراري (كما يسميه المؤلف)؛ لديه تسع بنات يحتجن إلى رعاية، ودَين كبير يستنفد كل ماله لسداده بل ولا يكفي، وحاجة إلى الزواج والتحصين، وإلى التعلم من النبي ﷺ، وتعويض ما فاته من غزوات، فمن أين يبدأ؟
الفكرة من كتاب جابر بن عبد الله – في ظلال التربية النبوية
كانت شخصية جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) واقعية حقيقية وربما بدت عادية، كانت فيه سمات جيل الصحابة الفريد من الإيمان، والتوازن في العبادة، والعلم الحي، والعمل الدؤوب، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومع هذا الكتاب نعرف حكايته ونرى ما حظي به من التربية النبوية.
مؤلف كتاب جابر بن عبد الله – في ظلال التربية النبوية
محمد حشمت: كاتبٌ ومحاضر، حصل على ليسانس اللغة العربية والعلوم الإسلامية من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، ثم حصل على ماجستير العقيدة الإسلامية من كلية العلوم الإسلامية بجامعة ميديو في ماليزيا.
من مؤلفاته: “الخلاصة في علم مصطلح الحديث” وسلسلة “في ظلال التربية النبوية” التي تضم الكتاب الذي بين أيدينا و”حذيفة بن اليمان” و”كعب بن مالك” و”الرميصاء” و”فاطمة” و”خوَّات” رضي الله عنهم.