عنف الذكر الشرقي
عنف الذكر الشرقي
تحاول الذكورية الشرقية بشتى الطرق فرض سيطرتها على العناصر الأضعف في المجتمع (الطفل – المرأة)، فتضطر إلى العنف أحيانًا، والقتل إذا استدعى الأمر باسم الشرف، فعندما تنصر الذكورية القويَّ وتخذل الضعيف، يظهر العنف والضرب وسيلةً لتأديب الطفل وتربيته، فيكبر الطفل بعقد نفسية، وعقلية متحجرة تعتمد العنف الجسدي وسيلةً بديلةً عن النقاش لحل أي مشكلة، وعندما يجتمع اختزال الرجولة في “الجنس” مع اختزالها في “العنف”، تزداد ضحايا القتل بدعوى الشرف، وتظهر السادية والسيكوباتية المتناهية التي يتعامل بها الذكر في العلاقات التي من المفترض أنها تؤسس على المودة والرحمة والاحترام المتبادل.
ومن النتائج الأخرى للسادية الذكورية الشرقية ما يعرف باسم “العنف السلبي Passive Aggression”، الصورة الأولى منها تكون في انسحاب الذكر وهروبه قبل اتخاذ خطوة جدية في الارتباط بالأنثى، والصورة الثانية تكون في انزوائه وقلة كلامه وتفاعله مع أسرته بعد الزواج.
تبدأ الحياة الزوجية مع هذا النوع من الذكور في سعادة ومتعة، وبمجرد أن تدخل الحياة الزوجية في مرحلة الأطفال والمسؤوليات، يبدأ هذا الذكر في الانسحاب، فيقل كلامه، وتزداد انفعالاته، وينفصل عن زوجته “نفسيًّا” حتى يتحول هذا الانفصال إلى “انفصال حقيقي”.
ويعتبر “الخوف” السبب الحقيقي وراء هروب الرجل الشرقي بهذه الطريقة، فكما ذكرنا سابقًا أن خوف الضعف هو السبب الرئيس لشعور الرجل بالخزي أو العار، فهنا خوف الرجل يكمن في “خوف المسؤولية”، وهو أحد المخاوف الوجودية الأربعة في الحياة (خوف الموت، وخوف الوحدة، وخوف عدم وجود معنًى، وخوف المسؤولية)، فالرجل عندما يقرر الزواج والإنجاب، يرتقي في نوعية وجوده من مرحلة “النكوص النفسي” والتمسك بنمط الحياة الطفولي، إلى مرحلة “المسؤولية الحقيقة”.
الفكرة من كتاب ذكر شرقي منقرض
في وقتٍ مضى من تاريخ المجتمعات الشرقية كان الرجل الشرقي شهمًا شجاعًا غيورًا، يلبي احتياجات أسرته قبل احتياجاته، ويؤثرها على نفسه، ولكن العوامل التربوية والاجتماعية في العقود الأخيرة ساهمت في توصيل رسائل نفسية إلى الذكور تنمي بداخلهم الشعور بالأفضلية، فنشأت على هذا المفهوم المختل أجيال تربت على التمييز بين الذكور والإناث في أبسط الحقوق الإنسانية، وهكذا أُقنِعت الأنثى بأنها أدنى من الرجل، وبذلك صُنِعَ “الذكر الشرقي” بامتياز.
ولكي تُعالج مشكلة “الذكر الشرقي“، لا بد من دراسة أسباب المشكلة وأعراضها، واكتشاف أنواعها ومضاعفاتها لبدء خطوة التغيير التي لا بد منها، خصوصًا مع هذا الجيل الذي يفكر في كل ما يستقبله، ويراجع كل ما وصل إليه من عادات وتقاليد وأفكار وموروثات على مدى العقود.
مؤلف كتاب ذكر شرقي منقرض
محمد طه: كاتب واستشاري طب نفسي مصري، نشأ في مغاغة بمحافظة المنيا، تخرج في كلية طب المنيا مختصًّا بالطب النفسي، ثم حصل على الدكتوراه من إنجلترا في تخصص الطب النفسي.
عمل على تحضير ورقة بحثية في تحليل المجتمع المصري من خلال الشعارات المكتوبة على الميكروباصات والتكاتك، وله ثلاثة مؤلفات أخرى تحت عنوان: “الخروج عن النص”، و”علاقات خطرة”، و”لأ بطعم الفلامنكو”.