شبح الخوف
وُجِدَ من خلال التحليل الكيفي لتعليقات النساء على فيسبوك على سؤال “ماذا يقول أو يفعل الرجل الشرقي في أثناء وجوده في المنزل؟” أن الذكر الشرقي يتفاعل مع زوجته بأسلوب “الكر أو الفر Fight/Flight Response”، إما أن يستخدم وسيلة الكر/ الهجوم وينفعل على أبسط الأشياء، ويطلب طلبات بدائية تخص الطعام والشراب، وإما أن يلجأ إلى وسيلة الفر/ الانسحاب، فيقلل الكلام والتفاعل مع عائلته.
يقول علم النفس إن “استجابة الكر أو الفر” تظهر ردَّ فعلٍ واستجابةً طبيعية عند الشعور بالخوف أو التوتر أو التهديد، إذًا ما الذي يهدد الذكر الشرقي داخل منزله؟
السبب الأول لرد الفعل هذا هو عدم تقبل المجتمعات الذكورية لتعبير الرجل عن ضعفه أو احتياجاته، ذلك على عكس المرأة الممنوح لها مساحة واسعة للشكوى والبكاء والضعف، أما الرجل فلا ينبغي أن تخور قواه، ولا يستطيع التخلي عن دوره سندًا لأسرته.
أما السبب الثاني فهو الشعور “بالخزي Shame”، إذ أُجريت دراسة عن مسببات الشعور بالعار عند المرأة والرجل، فوُجِدَ أن سببه عند المرأة يأتي من علاقتها بجسدها والرسائل النفسية التي تستقبلها من مجتمعها حوله، أما سبب الشعور بالعار عند الرجل فهو “خوف الضعف”، لأن هذا قد يعرضه إلى الرفض من قِبَل أسرته ومجتمعه.
وبالحديث عن نظرة المجتمع إلى جسد المرأة، فالأنثى في المجتمعات الذكورية ليست إلا “موضوعًا جنسيًّا”، وهذه “الجنسنة” لشخص الأنثى وكيانها وُلدت من اختزال معنى الرجولة في “الجنس”، واختزال معنى الأنوثة في تحقيق المتعة الجنسية للذكر، وبناءً على ذلك انتشرت ممارسات شاذة عن الدين والفطرة السليمة،وازدادت نسبة الضعف الجنسي بين الرجال.
الفكرة من كتاب ذكر شرقي منقرض
في وقتٍ مضى من تاريخ المجتمعات الشرقية كان الرجل الشرقي شهمًا شجاعًا غيورًا، يلبي احتياجات أسرته قبل احتياجاته، ويؤثرها على نفسه، ولكن العوامل التربوية والاجتماعية في العقود الأخيرة ساهمت في توصيل رسائل نفسية إلى الذكور تنمي بداخلهم الشعور بالأفضلية، فنشأت على هذا المفهوم المختل أجيال تربت على التمييز بين الذكور والإناث في أبسط الحقوق الإنسانية، وهكذا أُقنِعت الأنثى بأنها أدنى من الرجل، وبذلك صُنِعَ “الذكر الشرقي” بامتياز.
ولكي تُعالج مشكلة “الذكر الشرقي“، لا بد من دراسة أسباب المشكلة وأعراضها، واكتشاف أنواعها ومضاعفاتها لبدء خطوة التغيير التي لا بد منها، خصوصًا مع هذا الجيل الذي يفكر في كل ما يستقبله، ويراجع كل ما وصل إليه من عادات وتقاليد وأفكار وموروثات على مدى العقود.
مؤلف كتاب ذكر شرقي منقرض
محمد طه: كاتب واستشاري طب نفسي مصري، نشأ في مغاغة بمحافظة المنيا، تخرج في كلية طب المنيا مختصًّا بالطب النفسي، ثم حصل على الدكتوراه من إنجلترا في تخصص الطب النفسي.
عمل على تحضير ورقة بحثية في تحليل المجتمع المصري من خلال الشعارات المكتوبة على الميكروباصات والتكاتك، وله ثلاثة مؤلفات أخرى تحت عنوان: “الخروج عن النص”، و”علاقات خطرة”، و”لأ بطعم الفلامنكو”.