حب الضحية للجاني
حب الضحية للجاني
في عام 1973م وقعت حادثة سطو على بنك في مدينة ستوكهولم بالسويد، وخلال المواجهة التي استمرت ستة أيام مع الشرطة، أصبح عديد من موظفي البنك الأسير متعاطفين مع لصوص البنك، وبعد إطلاق سراحهم، رفض بعض موظفي البنك الإدلاء بشهادتهم ضد لصوص البنك في المحكمة، بل وجمعوا أموالًا للدفاع عنهم.
طور عالم الجريمة والطبيب النفسي الذي حقق في الحدث مصطلح “متلازمة ستوكهولم Stockholm syndrome” لوصف التعاطف الذي أظهره بعض موظفي البنك تجاه اللصوص.
تفسر هذه الحالة تعاطف كثير من النساء في المجتمعات الشرقية مع الذكور الذين يمارسون عليهن الظلم والقسوة والأذى النفسي والجسدي، وفي بعض الأحيان يبررن هذا العنف ضد بنات جنسهن باتهامهن بالعُهر والفجور، ولكن ما نوعية النساء المعرضات للإصابة بمتلازمة ستوكهولم؟
هناك فئة تمثل 20% من البشر (أغلبها من النساء) يطلق عليها علميًّا اسم “المتعاطفون Empathies”، هؤلاء الأشخاص شديدو الانسجام مع مشاعر من حولهم وعواطفهم، يفهمون بشكل عميق المشاعر والاحتياجات والرغبات والمخاوف التي يمر بها الآخرون لدرجة تصل إلى “التقمص” ولوم النفس وجلد الذات، والشخص المتعاطف هو النوع الذي ينجذب إليه الشخص النرجسي الذي يتفنن في إيذائه وخلط الأمور عليه، فيشعر الأول أنه الجاني وأن الثاني ضحيته، وهذه ببساطة قصة تحول الأنثى الشرقية من كائن “حساس” إلى “جلّاد” لنفسه ولبني جنسه.
وهنا يظهر دور المرأة أيضًا في صناعة “الذكر الشرقي المنقرض”، بداية من الأم التي عززت نرجسية ابنها، مرورًا بالأخت التي رضيت بتحكم أخيها غير المنضبط، انتهاءً بالزوجة التي خافت أن ترفض كل ما قد يفعله الذكر من محاولاتٍ لمحو كيانها.
الفكرة من كتاب ذكر شرقي منقرض
في وقتٍ مضى من تاريخ المجتمعات الشرقية كان الرجل الشرقي شهمًا شجاعًا غيورًا، يلبي احتياجات أسرته قبل احتياجاته، ويؤثرها على نفسه، ولكن العوامل التربوية والاجتماعية في العقود الأخيرة ساهمت في توصيل رسائل نفسية إلى الذكور تنمي بداخلهم الشعور بالأفضلية، فنشأت على هذا المفهوم المختل أجيال تربت على التمييز بين الذكور والإناث في أبسط الحقوق الإنسانية، وهكذا أُقنِعت الأنثى بأنها أدنى من الرجل، وبذلك صُنِعَ “الذكر الشرقي” بامتياز.
ولكي تُعالج مشكلة “الذكر الشرقي“، لا بد من دراسة أسباب المشكلة وأعراضها، واكتشاف أنواعها ومضاعفاتها لبدء خطوة التغيير التي لا بد منها، خصوصًا مع هذا الجيل الذي يفكر في كل ما يستقبله، ويراجع كل ما وصل إليه من عادات وتقاليد وأفكار وموروثات على مدى العقود.
مؤلف كتاب ذكر شرقي منقرض
محمد طه: كاتب واستشاري طب نفسي مصري، نشأ في مغاغة بمحافظة المنيا، تخرج في كلية طب المنيا مختصًّا بالطب النفسي، ثم حصل على الدكتوراه من إنجلترا في تخصص الطب النفسي.
عمل على تحضير ورقة بحثية في تحليل المجتمع المصري من خلال الشعارات المكتوبة على الميكروباصات والتكاتك، وله ثلاثة مؤلفات أخرى تحت عنوان: “الخروج عن النص”، و”علاقات خطرة”، و”لأ بطعم الفلامنكو”.