عقدة أوديب
عقدة أوديب
هناك صراع مشهور في المجتمعات العربية بين الحماة وزوجة الابن، مع بعض الاستثناءات، وفيه تشتعل نيران غيرة الأم بمجرد ظهور أنثى في حياة ابنها، ولكن ما سبب هذه الغيرة؟
تظهر على الطفل (الذَّكَر)، من سن ثلاث إلى خمس سنوات، ملامح التعلق الشديد بوالدته، ويرتبط بها لدرجة تجعله يغار من والده، تسمى هذه الظاهرة “عقدة أوديب”، وتقابلها “عقدة إليكترا” التي تحدث للأنثى تجاه والدها، ولكي يتخلص الطفل من هذا الشعور بالمنافسة تجاه والده، يقلده ويتقمص شخصيته ليشعر بأنه لا فرق بينهما، بل إنه يطلب حقوق والده نفسها، وفي بعض الأحيان يصدر أحكامًا بشأن ملابس الأم ومواعيد خروجها.
هذا أمرٌ طبيعي، ولكن تحدث المشكلة عندما تتوجه الأم بكل طاقتها نحو تغذية المشاعر الأوديبية في نفس الطفل، فيلعب الابن دور والده في المنزل، ويكتسب سلطته نفسها، ويصبح الذكر “زوج أمه”، لذا ما نسمعه في مجتمعاتنا الشرقية عن مشكلات الحماة وزوجة الابن ناتج عن زواج الأم بابنها نفسيًّا.
الوجه الآخر من هذه المأساة هو أن يكون الذكر ضعيف الشخصية، معتمدًا على أمه في قراراته وأموره كافة، ونسميه “ابن أمه”، وهذه النوعية من الأمهات تتفنن في إفساد زيجات أبنائها من خلال الابتزاز العاطفي.
مستوًى آخر من مستويات عقدة أوديب، هو احتفاظ الطفل بنسختين لأمه داخل عقله، نسخة “الأم” الطبيعية ونسخة “الزوجة” النفسية، ويتجاوز الطفل طبيعيًّا هذه المرحلة مع مرور الوقت، ولكن تحدث المشكلة عندما لا يستطيع بعض الأطفال تجاوز هذه المرحلة بسبب الأم، فيكبر الطفل ويتزوج ليصبح “ابن زوجته” الذي يبحث طوال الوقت عن امرأة تتقن لعب دور “الزوجة” و”الأم” في الوقت نفسه.
الفكرة من كتاب ذكر شرقي منقرض
في وقتٍ مضى من تاريخ المجتمعات الشرقية كان الرجل الشرقي شهمًا شجاعًا غيورًا، يلبي احتياجات أسرته قبل احتياجاته، ويؤثرها على نفسه، ولكن العوامل التربوية والاجتماعية في العقود الأخيرة ساهمت في توصيل رسائل نفسية إلى الذكور تنمي بداخلهم الشعور بالأفضلية، فنشأت على هذا المفهوم المختل أجيال تربت على التمييز بين الذكور والإناث في أبسط الحقوق الإنسانية، وهكذا أُقنِعت الأنثى بأنها أدنى من الرجل، وبذلك صُنِعَ “الذكر الشرقي” بامتياز.
ولكي تُعالج مشكلة “الذكر الشرقي“، لا بد من دراسة أسباب المشكلة وأعراضها، واكتشاف أنواعها ومضاعفاتها لبدء خطوة التغيير التي لا بد منها، خصوصًا مع هذا الجيل الذي يفكر في كل ما يستقبله، ويراجع كل ما وصل إليه من عادات وتقاليد وأفكار وموروثات على مدى العقود.
مؤلف كتاب ذكر شرقي منقرض
محمد طه: كاتب واستشاري طب نفسي مصري، نشأ في مغاغة بمحافظة المنيا، تخرج في كلية طب المنيا مختصًّا بالطب النفسي، ثم حصل على الدكتوراه من إنجلترا في تخصص الطب النفسي.
عمل على تحضير ورقة بحثية في تحليل المجتمع المصري من خلال الشعارات المكتوبة على الميكروباصات والتكاتك، وله ثلاثة مؤلفات أخرى تحت عنوان: “الخروج عن النص”، و”علاقات خطرة”، و”لأ بطعم الفلامنكو”.