مشكلة السعادة
مشكلة السعادة
داخل الإنسان رغبة عارمة وفطرية لتحقيق السعادة، لكن هناك صنفًا من الناس يرى السعادة تحررًا من القيود والنظام، واتباعًا للشهوات، وسدًّا لكل الرغبات؛ ينشد الأوهام، وينكر قدسية العمل، وينطوي على نفسه وينفصل عن مجتمعه، ويهرب من الواقع، كل هذا دليل على عجزه عن مواجهة الحياة، فيظن البعض أن السعادة أمرٌ ثابت يمكن شراؤه والتمتع به دون أن يفقد جاذبيته، والناس بهذا قد توهموا، وفقدوا طريقهم إلى السعادة، فقد هربوا من حقيقة الحياة أنها نضالٌ وكفاح، وظنوا أنهم يمكنهم الفكاك من هذه الحقيقة، وقلّ أن تجد من يحسن ويتقبل حقيقة الحياة.
لقد فقد الإنسان الباحث عن السعادة طريقه إليها؛ جهل هذا الطريق، ويأبى أن يعترف بجهله هذا، وأقوى دليل على جهل الإنسان والجماعات وخيبتهم في تحقيق السعادة، هو الأمراض النفسية والخلقية التي استفحلت في البشرية وانتشرت في كل جانب في العالم، ونشوة الإنسان بعقله وحضارته، جعلته يجهل مواطن ضعفه، ويفقد قدرته على أن يشعر بالخصائص التي تسمو به فوق طور البهيمية، وكل نواحي تأخر أي أمة من فن أو تعليم أو إدارة وصناعة، تعود كلها إلى مرض نفسي وانحراف شخصية واختلال في صحة أفراد تلك الأمة وعقولهم، فإصلاح أي مجتمع مرهون بإصلاح عقول أفراده ونفوسهم أولًا.
فكيف يُمكن تجاوز بعض هذه الأمراض؟ “اعرف نفسك” تلك الحكمة التي قالها سقراط، هي الشرط الأساسي لتحقيق السعادة، وهي الوسيلة الوحيدة لتجنب دواعي المرض النفسي، كذلك الشقاء. والعلم الذي يعرّف الإنسان نفسه، هو علم النفس، ولا يمكن تطبيق أي علم دون الرجوع إلى هذا العلم، ومن العجيب أن يدفع الإنسان كل بذله في شتى أنواع العلوم، ولا يختص علم النفس ببعض بذله.
الفكرة من كتاب شفاء النفس
لقد فقدنا قدرتنا على التعرف على السعادة والوصول إليها، فلم يخطُ الإنسان في نفسه، بقدر ما خطا وتحرك في الكون من حوله، ولمّا كان هذا.. جلبت لنا الحضارة والتحديث الكثير من الأمراض، وإن من أهم تلك الأمراض أن الإنسان أصبح تائهًا في الحياة، لا يدرك نفسه، ولا يدرك من حوله، كذلك فقد قدرته على أن يحيا ويعيش بهناء وسعادة.
يتناول كتابنا توضيح مشكلة السعادة، ثم يتناول أعراض فقدنا لتلك السعادة، من استفحال الأمراض النفسية والخلقية في الإنسان، فكيف نشأت تلك الأمراض؟ وما تأثير البيئة في نشوئها؟ وما طرق العلاج وأهم مدارس العلاج النفسي؟ وما سبيل شفاء النفس في عصرنا الحديث؟
مؤلف كتاب شفاء النفس
يوسف مراد: أبرز علماء النفس العرب، فهو الفيلسوف والمنظر للمذهب التكاملي في علم النفس. وقد تخرج في قسم الفلسفة بكلية الآداب عام ١٩٣٠م، وسافر عام ١٩٣١ إلى فرنسا، وحصل على شهادة الدراسات العليا، ثم في عام ١٩٤٠ حصل على الدكتوراه بمرتبة الشرف من فرنسا، عاد إلى مصر وكان أول من درس علم النفس باللغة العربية لأول مرة في الكلية.
كتب العديد من المؤلفات منها: سيكولوجية الجنس، دراسات في التكامل النفسي، شفاء النفس.