في مصر
لم يكن هناك عمران محسوس ولا شجرة واحدة بادية في الأفق تستقبل الفرنسيين، فلم يكونوا يعرفون لغة أهل البلد الذين كانوا يتجَّنبونهم كما لو كانوا حيواناتٍ ضارية، وقد تبدَّد أملهم في أي عودة سريعة بعد معركة أبي قير، وغرق السفن الفرنسية الراسية هناك، مما كان له كبير الأثر في نفوسهم؛ فساد الذعر بينهم، وأدركوا أن السبل قد انقطعت بهم في مصر، وما من خيار آخر سوى المقام بها، ما حداهم لتحسين علاقاتهم بالأهالي، فبذلوا جهدهم لإفهامهم أنهم يرغبون في الحصول على الطعام.
ولما رأى التجار أنهم يدفعون لقاء ما يحصلون عليه بدؤوا بدعوتهم للمشاهدة على أمل الشراء والدفع، وقد حدَّد نابليون سعر صرف العملات تجنُّبًا للخلافات المستمرة حولها، وقد كان في السوق المصرية من البضائع ما يغري الفرنسيين بالشراء، ورغم تفاوت أجورهم، فقد جلبت غنائم الحرب لهم مكاسب كبيرة حتى بالنسبة إلى حثالة الجنود، من صررٍ مليئة بالذهب، وأسلحة ثمينة وملابس فاخرة، أنفقوها ببذخ.
وتكيَّف الفرنسيون مع عادات المصريين، فركبوا الحمار الريفي الصغير، وشربوا القهوة القوية ودخَّنوا التبغ والحشيش والقنب الهندي، وكان الموسرون منهم قادرين على شراء الجواري، كما أنهم أنشأوا المطاعم الفرنسية والمقاهي والمحلات التجارية وورش العمل.
الفكرة من كتاب جيش الشرق
للحملة الفرنسية على مصر آثار مهمة في كثير من المناحي؛ كأثرها في العلوم والتاريخ والطباعة والزراعة، بالإضافة إلى الدمار الذي خلفته بهذه البلاد وألحقته بأهلها.. بين دفتي هذا الكتاب نقرأ شهادات رجال الحملة الفرنسية على مصر، مدنيين وعسكريين؛ نتعرف من خلالها على ملامح هذه الحملة وملامح رجالها وهل أتوا مختارين أم مجبرين؟ ولماذا جاءوا وما آمالهم؟ وكيف وجدوا مصر والمصريين؟
مؤلف كتاب جيش الشرق
تيري كرودي Terry Crowdy: مؤلف تاريخ عسكري، مهتم بالحروب النابليونية وتاريخ التجسُّس والحروب السرية.
فاز بجائزة (أفضل ورقة عسكرية) في مسابقة الكتابة في سلسلة نابليون عام 2014، وهو مستشار للسلامة في القصور الملكية التاريخية وهي مؤسسة خيرية مستقلة، تدير برج لندن وقصر هامبتون والعديد من القصور الأخرى.
له كثير من الكتب والمؤلفات أبرزها:
Donald Dean VC
SOE Agent: Churchill’s Secret Warriors
French Resistance Fighter: France’s Secret Army