اللجوء إلى العملة الورقية
اللجوء إلى العملة الورقية
كانت النقود التي يتداولها الناس تقتصر على القطع المعدنية، التي كانت تستخدم في المعاملات العادية، وطائفة من الحوالات والأوراق المصرِفية تستعمل في أغراض التجارة والمعاملات الكبيرة، إلى يوم أُعلنت الحرب العالمية الأولى، فامتنع تداول القطع الذهبية، وقل للغاية تداول القطع الفضية، وكثر التعامل بالأوراق الصادرة من البنوك والحكومات، ذلك لأن كل دولة عملت على الاحتفاظ بكميتها المحدودة من المعادن النفيسة، التي تستطيع الدولة أن تكثر منها بعكس الورق الذي لا يكلفها إلا طبعه والأمر بتداوله،على شرط أن يغطي نصف ما يُصدره بالذهب
فإن استطاعت الدول فرض العملة الورقية أو البنكنوت على رعاياها، فلن تستطيع فرضه على التعاملات الخارجية، لذا كانت التعاملات الخارجية تُجرى بالذهب، فألقت الحكومات على عاتق البنوك المركزية عبء تدبير المال، مما أدى إلى الانقلاب النقدي، فأوقعت ألمانيا المسؤولية على بنك الرايخ، وبالمقابل فعلت فرنسا وإنجلترا
فاختلت قيمة النقود باختلال معدِن الذهب، فتدهور “المارك” الألماني كما لم تتدهور أي عملة أخرى، إذ فقد “المارك” قيمته، مما اضطر ألمانيا إلى ضرب عملة جديدة سموها بـ”الرانتنمارك”، كما فقد الجنيه الإسترليني زعامته على النقود، وتحولت الزعامة إلى الدولار الأمريكي، وانتقل معه المجد من لوندره إلى نيويورك.
الفكرة من كتاب موجز النقود والسياسة النقدية
لم يكن الإنسان بادئ أمره عارفًا بالنقود وأنواعها، ولا المعادن وطرائق ضربها، بل كان إذا بدت له حاجة أخذها بالقوة، وإلا انصرف عنها، حتى أعمل عقله في ما حوله واتخذ مما يجده أداة لتلبية حاجاته، من اتخاذ الحجارة المدببة للدفاع عن النفس، أو لصيد ما يسد رمقه به، ثم لم يلبث أن اتخذ من المبادلة أسلوبًا في تعامله مع غيره، ليحصل على اللحوم والجلود، لكن اللحوم كانت سريعًا ما تفسد فراجت المبادلة أكثر في الجلود والعظام، فكيف تحولت المبادلة من احتياج أَوَّلِيٍّ إلى نقود وعملات تقوم عليها الدول وتهبط؟
يصحبنا الكاتب في رحلة منذ بداية التعامل بالتبادل إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية، فيقص علينا أصل النقود، ومن ثم كيفيتها عند الشعوب القديمة من فُرس وإغريق ورومان، ومن ثم ظهور الإسلام، وكيف تعامل مع العملة، كما يصحبنا من العصور الوسطى، ومتى ظهر الورق، إلى التحول الذي أحدثته الحروب في السياسة المالية، وكيف أثرت فيها.
مؤلف كتاب موجز النقود والسياسة النقدية
زكريا مهران: كاتب، ومالي وحقوقي مصري، تخرج في مدرسة الحقوق عام 1920م، واشتغل بالمحاماة لمدة، ثم انصرف إلى الاقتصاد فعمل مع “طلعت حرب” في بنك مصر وشركاته، ثم عُيِّنَ عضوًا في مجلس الشيوخ، وقد وافته المنية بشكل مفاجئ في إحدى جلسات المجلس عام 1949م، ومن أهم مؤلفاته:
البنك المركزي في العصور المختلفة.
التاريخ يفسر التضخم والتقلص.