ظهور العملة عند العرب والمسلمين
ظهور العملة عند العرب والمسلمين
كان العرب يعيشون في بيئة بُدائية، فاقتصر تعاملهم على الأنعام وما تنتجه، وعلى ما تخرجه الأرض، وكانوا يقيمون تعاملاتهم بالإبل إذا كان المبلغ كبيرًا، وبالضأن إذا كان متوسطًا، وإذا كان زهيدًا اختاروا ما شاؤوا من محاصيل أو حيوانات ليستخدموها في المبادلة، ولم يتمتع العرب بثروة معدنية كبيرة، لذلك لم يفكروا في ضرب النقود، لكنهم عرفوا العملات الفارسية والرومانية عن طريق التجارة، فسموا العملة الفضية دراهم والذهبية دنانير، لكن سَرعان ما كانوا يستبدلون بها ما يحتاجون إليه من سلع فور عودتهم.
و بمجيء الإسلام حُرِّمَ الربا، فكان هذا من أهم عوامل الصناعة والتجارة لديهم، لكنهم لم يضربوا العملة، إلى أن أصبح لزامًا على المسلمين تلبية احتياجاتهم السياسية والمالية، فأمر “عمر بن الخطاب” دار الضرب الفارسية أن تضرب النقود في طابع إسلامي وأن يُنقَشَ عليها “لا إله إلا الله محمد رسول الله”، واتخذ الخلفاء من بعده السياسة نفسها، حتى تولى “عبد الملك بن مرْوان” الحكم، فوضع أول نظام للنقود عند المسلمين، فضرب النقود بالذهب والفضة والنحاس حتى يكون نظامًا متينًا، وأبطل التعامل بغير نقوده،
وألزم كل شخص يملِك نقودًا رومانية أو أجنبية من أي نوع كان أن يقدمها إلى دار الضرب لتعطيه بدلًا منها من النقود الجديدة، وظل ذلك النظام متبعًا إلى أن تولى الخلافة “يزيد بن عبد الملك” فأنقص وزن الدراهم وأكثر النقود مما أدى إلى انتشار الترف والإسراف، فقد تغير الحال في عهد الأمويين والعباسيين والفاطميين بأن اتخذوا من الخلافة مظهرًا سياسيًّا، وقلدوا ملوك الفرس في إدارتهم للمال، كما أن أغلب المشرفين على إدارة شؤون الدواوين كانوا فرسًا.
الفكرة من كتاب موجز النقود والسياسة النقدية
لم يكن الإنسان بادئ أمره عارفًا بالنقود وأنواعها، ولا المعادن وطرائق ضربها، بل كان إذا بدت له حاجة أخذها بالقوة، وإلا انصرف عنها، حتى أعمل عقله في ما حوله واتخذ مما يجده أداة لتلبية حاجاته، من اتخاذ الحجارة المدببة للدفاع عن النفس، أو لصيد ما يسد رمقه به، ثم لم يلبث أن اتخذ من المبادلة أسلوبًا في تعامله مع غيره، ليحصل على اللحوم والجلود، لكن اللحوم كانت سريعًا ما تفسد فراجت المبادلة أكثر في الجلود والعظام، فكيف تحولت المبادلة من احتياج أَوَّلِيٍّ إلى نقود وعملات تقوم عليها الدول وتهبط؟
يصحبنا الكاتب في رحلة منذ بداية التعامل بالتبادل إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية، فيقص علينا أصل النقود، ومن ثم كيفيتها عند الشعوب القديمة من فُرس وإغريق ورومان، ومن ثم ظهور الإسلام، وكيف تعامل مع العملة، كما يصحبنا من العصور الوسطى، ومتى ظهر الورق، إلى التحول الذي أحدثته الحروب في السياسة المالية، وكيف أثرت فيها.
مؤلف كتاب موجز النقود والسياسة النقدية
زكريا مهران: كاتب، ومالي وحقوقي مصري، تخرج في مدرسة الحقوق عام 1920م، واشتغل بالمحاماة لمدة، ثم انصرف إلى الاقتصاد فعمل مع “طلعت حرب” في بنك مصر وشركاته، ثم عُيِّنَ عضوًا في مجلس الشيوخ، وقد وافته المنية بشكل مفاجئ في إحدى جلسات المجلس عام 1949م، ومن أهم مؤلفاته:
البنك المركزي في العصور المختلفة.
التاريخ يفسر التضخم والتقلص.