توسع انتشار العملة
توسع انتشار العملة
لم تلبث النقود أن انتشرت في أسقاع الأرض جميعًا، فكان أول من ضرب النقود الفارسية هو الملك كِيرَش؛ ضرب عملتين، فضية وذهبية، واعتمد في تقسيمها على التقسيم الإثني عشري، لكن لم تحظَ الفضة بما حظاه الذهب من سرعة انتشار، فكان الذهب سببًا في نجاح تجارة الفرس، ولم يقتصر الأمر في ضرب العملة على الفرس بل انتقل إلى الجزر الإيجيّة، ومنها إلى الإغريق وخصوصًا أثينا ومقدونيا اللتين تعدان من أهم المدن الاقتصادية لدى اليونان، فكانت أول ما ضربته أثينا الفضة، واتخذت منها قطعة الدّرَاخْمَة عملةً لها
لكنها ما لبثت أن أضافت الذهب إلى عملتها، لتحارب عملة الفرس الذهبية في التجارة الخارجية، في حين أن العملة الإغريقية عانت من الديون فغيروا وزنها من الوزن الإيجي الخاص بالجزر الإيجيّة إلى الوزن الأوربي فأنقص الثلث من وزن الدراخمة، فانخفض ثلث الديون وعولجت الأزمة، وبعد أن انتهت زعامة البلاد الإغريقية إلى مقدونيا بانتصار “فيليب” الذي عمل على تعديل أنظمة النقود،
فسك عملات فضية، وأخرى ذهبية، وقد ساعده على ذلك ثراء الأراضي المقدونية بمعدن الذهب، لم يقابل الإغريق نظام المعدنين قبولًا حسنًا، فعمل “الإسكندر ابن فيليب” على رفع وزن الدراخمة، مما أدى في نهاية المطاف إلى إكثار الذهب وارتفاع قيمة الفضة، فتسبب في ضيق شديد في أرزاق الإغريقيين.
الفكرة من كتاب موجز النقود والسياسة النقدية
لم يكن الإنسان بادئ أمره عارفًا بالنقود وأنواعها، ولا المعادن وطرائق ضربها، بل كان إذا بدت له حاجة أخذها بالقوة، وإلا انصرف عنها، حتى أعمل عقله في ما حوله واتخذ مما يجده أداة لتلبية حاجاته، من اتخاذ الحجارة المدببة للدفاع عن النفس، أو لصيد ما يسد رمقه به، ثم لم يلبث أن اتخذ من المبادلة أسلوبًا في تعامله مع غيره، ليحصل على اللحوم والجلود، لكن اللحوم كانت سريعًا ما تفسد فراجت المبادلة أكثر في الجلود والعظام، فكيف تحولت المبادلة من احتياج أَوَّلِيٍّ إلى نقود وعملات تقوم عليها الدول وتهبط؟
يصحبنا الكاتب في رحلة منذ بداية التعامل بالتبادل إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية، فيقص علينا أصل النقود، ومن ثم كيفيتها عند الشعوب القديمة من فُرس وإغريق ورومان، ومن ثم ظهور الإسلام، وكيف تعامل مع العملة، كما يصحبنا من العصور الوسطى، ومتى ظهر الورق، إلى التحول الذي أحدثته الحروب في السياسة المالية، وكيف أثرت فيها.
مؤلف كتاب موجز النقود والسياسة النقدية
زكريا مهران: كاتب، ومالي وحقوقي مصري، تخرج في مدرسة الحقوق عام 1920م، واشتغل بالمحاماة لمدة، ثم انصرف إلى الاقتصاد فعمل مع “طلعت حرب” في بنك مصر وشركاته، ثم عُيِّنَ عضوًا في مجلس الشيوخ، وقد وافته المنية بشكل مفاجئ في إحدى جلسات المجلس عام 1949م، ومن أهم مؤلفاته:
البنك المركزي في العصور المختلفة.
التاريخ يفسر التضخم والتقلص.