في قفص الاتهام في قاعة المحكمة
في قفص الاتهام في قاعة المحكمة
في يوم السبت الموافق ١٧ من أبريل سنة ١٦٦٨ في المحكمة المركزية في باريس، كان دوني واقفًا بين مجموعة صغيرة، وحوله محاموه إضافةً إلى أصدقائه ذوي السلطة، وحضر كذلك أشخاص من الطبقة النبيلة والكثير من المؤيدين له، وكان من بين الشهود رجل وامرأة خضعا لعلاج دوني واقتنعا بفاعليته في شفائهما من المرض.
دخل رئيس المحكمة السيد دورميسو إلى القاعة، وأشار إلى الحاجب ليقرأ التهمة الموجهة إلى السيد دوني: قيامه بنقل الدم لمريض ثلاث مرات رغم معارضة الأطباء لنقل الدم، ما نتج عنه قتله لمريض هو وشريكه إميري، فقام محامي دوني السيد لاموانيو بالدفاع عنه، فأخبر القاضي أن دوني قدَّم لمريضه علاجًا فعالًا بدليل إعلان القس أن موروا عاقل مع السماح له بالمشاركة في الشعائر الدينية، وأن من يتوجَّب عليه الحضور إلى المحكمة هي زوجته التي تجاهلت تعليمات دوني، وعادت تتوسَّل إليه لتكرار العملية، ولديها الدافع والفرصة لارتكاب الجريمة، كما أن من عارضوا نقل الدم كانوا من كلية الطب الباريسية، أما دوني فإنه تابع لكلية الطب في مونبلييه.
أوضح دوني للقاضي أنه هو وزميله لم يصلا إلى نقل دم من العجل إليه، فقد انتابته نوبات صرع عنيفة حالت دون إتمام العملية، وأضاف محامي الدفاع أنه كان يجب تشريح الجثة لتحديد سبب الوفاة، فقد ذهب دوني ومعه بعض الأطباء لتشريح الجثة، لكن زوجته رفضت دخولهم، وعندما عاد مرة أخرى لأخذ الجثة بالقوة وجد أنها قامت بدفنه، وفي وقت لاحق أتت إلى دوني وعرضت عليه الشهادة لصالحه في المحكمة مقابل مبلغ مالي أكبر من مبلغ عرضه عليها خصومه لتشهد ضده.
الفكرة من كتاب الدم والعدالة قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر
قبل أن نبدأ بقراءة القصة، لنتعرَّف على بطلها.. جون باتيست دوني.. طبيب فرنسي، ولد عام١٦٤٠ في أسرة من طبقة النبلاء، كان والده كبير مهندسي الملك لويس الرابع عشر، وقد حصل دوني على بكالوريوس اللاهوت، ثم درس الطب في مونبلييه،كما حصل على درجة الدكتوراه في الرياضيات، وشغل منصب أستاذ الرياضيات والفلسفة الطبيعية، وتمثِّل الرياضيات والفلك أكثر اهتماماته، أما الطب فقد كان هواية له.
انتقل دوني إلى باريس عام ١٦٦٤، وبدأ حياته الأكاديمة، وأصبح لديه مكانة بصفته أستاذًا جامعيًّا، وكان شابًّا ذكيًّا ومهتمًّا بتناول القضايا الجدلية، وحقَّقت محاضراته شهرة واسعة، وامتلأت بالحضور، وكانت الشهرة وجمع الأموال من أهدافه.
فهل تحققت تلك الأهداف؟ وما علاقتها بنقل الدم؟ لننتقل إلى القصة ونرَ..
مؤلف كتاب الدم والعدالة قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر
بيت مور: أكاديمي وكاتب علمي وصحفي ومدرب، ولد في أبينجدون بأكسفوردشاير، درس علم وظائف الأعضاء والكيمياء الحيوية لحيوانات المزرعة، وحصل على درجة الدكتوراه في الفسيولوجيا، ومن الدوريات العلمية التي يكتب فيها: Nature وNew Scientist، شغل منصب رئيس رابطة الصحفيين الطبيين في إنجلترا، وعمل كذلك في كلية أوكلاند وكلية لندن، وأسَّس منظمة ThinkWrite لتدريب الأشخاص على الكتابة، كما حصل على العديد من الجوائز عن أعماله الصحفية العلمية، وظهر إعلاميًّا في مقابلات على قناة BBC وفي محطات إذاعية دولية متعدِّدة.
معلومات عن المترجم:
عبد الرحمن مجدي: مترجم؛ حاصل على ليسانس الألسن قسم اللغة الإنجليزية، وملتحق بالدراسات العليا في الترجمة الفورية والتحريرية بكلية الألسن، قام بترجمة العديد من الكتب في المجالات المختلفة، ومنها: “الإعلام والنشء: تأثير وسائل الإعلام عبر مراحل النمو”.