الشخصية
الشخصية
واحدة من أشهر الوسائل لفحص الطابع الأدبي لمسرحية أو رواية هو التعامل مع شخصياتها، كما لو أنهم أشخاص حقيقيون، لكن الفرق بينهم هو أن الشخصيات الأدبية ليس لها وجود قبل لقائنا بها، فهاملت، لم يكن طالبًا فعلًا قبل بدء أحداث مسرحيته، واستغل شكسبير هذه الفكرة في خاتمة مسرحيته “العاصفة”، عندما شجَّعتنا شخصية بروسبيرو على أن نفرح، وأوضح أن هؤلاء الممثلين كانوا أرواحًا تلاشت في الهواء، وأن كل شيء سيتحلَّل، حتى نحن، فهذه الكلمات تشير إلى هشاشة الشخصيات الأدبية باعتبارها استعارة عن حيواتنا البشرية العابرة.
تعني كلمة شخصية رمزًا أو علامة، ونشأت كلمة شخصية- Character من مصطلح يوناني قديم يعني أداة الختم التي تمثِّل توقيع الشخص المميز، ومن ثم استُخدِمت للتعبير عما يميِّز الشخص، ومن ثم أصبحت الشخصية رمزًا للشخص نفسه، فمثلًا نالت شخصية ليدي ماكبث، إحدى أبطال مسرحية ماكبث، مكانتها كواحدة من أهم الشخصيات النسائية في أعمال شكسبير، بسبب طموحها العنيف وإرادتها القوية التي دفعتها لتحريض زوجها على ارتكاب جريمة قتل، وليس لأنها امرأة عادية تبكي وتحزن وتفرح.
لم يكن التركيز على الشخصية ركنًا أساسيًّا في النقد لدى الجميع، فواحد من أهم كتب النقد الأدبي هو “فن الشعر” لأرسطو، ويركز على التراجيديا ويُهمل الشخصية تمامًا لدرجة أنه يرى أنه بالإمكان صنع مأساة دون شخصيات، فالحبكة هي الأهم عند أرسطو وتوجد الشخصيات فقط لخدمة الحدث الدرامي.
بعد أرسطو جاءت الرواية الواقعية الأوروبية التي أظهرت لأول مرة التداخل بين الشخصية والسياق كما في حالة شخصية عُطيل، فشخصيته تمثِّل تأملات معينة خاصة بالمسرحية وحالات شعور وأوجه نظر تتعدَّى شخصه، وظهر بعدهم الحداثيون الذين حاولوا البحث عن أساليب جديدة لرسم الشخصية، وبالتالي حوَّلوا مفهوم الهوية إلى أزمة، وأرادوا إثارة الأسئلة عن مفاهيم الشخصية من خلال الغوص في التعقيد النفسي للشخوص الأدبية.
حيث يسعى الحداثيون لتغيير الأفكار التقليدية عن الشخصية، من خلال الكشف عن القوى التي تشكِّل النفس، وذلك بالبحث عما وراء الأفكار والمشاعر والقيم الأخلاقية، أما الرواية الواقعية فتدعونا إلى التماهي مع شخصياتها وتُعمِّق من عواطفنا الإنسانية عندما نضع أنفسنا مكان شخصيات الرواية، لكن هذه الفكرة مخطئة لأننا إذا أصبحنا في مكان شخص آخر سنفقد القدرة على معرفة حقيقته.
الفكرة من كتاب كيف نقرأ الأدب
يبدو فعل القراءة فعلًا سهلًا مقارنةً بدراسة الفيزياء مثلًا، ومع ذلك كثيرًا ما نجد أنفسنا في حضرة الحديث عن كتاب ما ونجد أننا نفتقر إلى العبارات المناسبة لوصفه، لهذا نقدم هذا الكتاب الذي يمنحك بعض الإرشادات لتفادي تلك المواقف مرة وإلى الأبد، حيث يتناول الكتاب خمسة محاور أساسية يجب علينا النظر فيها عند قراءة أي عمل أدبي، أو حتى كتابته، فهذه المحاور ستساعدنا على فهم العمل الأدبي ومن ثم تحليله وتقييمه.
مؤلف كتاب كيف نقرأ الأدب
تيري إيجلتون: منظِّر أدبي بريطاني، وناقد، ومفكر عام، ويعمل حاليًّا أستاذًا في قسم الأدب الإنجليزي في جامعة لانكستر، ويعدُّ الناقد والمنظِّر الأدبي الأكثر تأثيرًا في إنجلترا.
من أعماله: “نظرية الأدب”، و”فكرة الثقافة”.
معلومات عن المترجم:
الدكتور محمد درويش: مترجم عراقي، بدأ بالترجمة منذ السبعينيات، ثم عمل مترجمًا في دار المأمون للترجمة والنشر منذ بدايات تأسيسها حتى تقلَّد منصب رئيس الهيئة الاستشارية للمجلات الصادرة عن دار المأمون، وترجم عديدًا من المقالات من وإلى الإنجليزية.
من ترجماته: “لقيطة إسطنبول”، و”الكفارة”.