وشهد شاهد من أهلها
وشهد شاهد من أهلها
على الرغم من الاختلاف والتشتت الذي يعيشه اليهود في مجتمع سُرق عنوة يجمع الإشكناز (اليهود من أصل غربي) والسفارد (اليهود من أصل شرقي) ويهود السامرة (الذين ولدوا وآباؤهم في فلسطين)، فقد اجتمعوا على شيء واحد توارثته أجيالهم المنبوذة، هو أنهم بارعون بالكذب. وفى ذلك يقول بيني موريس المؤرخ اليهودي: “نحن الإسرائيليين كنا طيبين، لكننا قمنا بأفعال شائنة وبشعة كثيرة؛ كنا أبرياء لكننا نشرنا الكثير من الأكاذيب وأنصاف الحقائق التي أقنعنا أنفسنا وأقنعنا العالم بها، نحن الذين ولدنا لاحقًا بعد إنشاء الدولة، عرفنا كل الحقائق الآن بعد أن عرض علينا زعماؤنا الجوانب الإيجابية فقط من تاريخ إسرائيل، لكن مع الأسف كانت ثمة فصول سوداء لم نسمع عنها شيئًا؛ لقد كذبوا علينا عندما أخبرونا أن عرب اللد والرملة طلبوا مغادرة بيوتهم بمحض إرادتهم، وكذبوا علينا عندما أخبرونا أن الدول العربية أرادت تدميرنا، وأننا كنا الوحيدين الذين نريد السلام طوال الوقت، وكذبوا عندما قالوا: “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”، وكذبة الأكاذيب التي سموها الاستقلال”.
ويقول موشى دايان: “لقد جئنا إلى هذا البلد الذي كان العرب توطنوا فيه ونحن نبني دولة يهودية، لقد أقيمت القرى اليهودية مكان القرى العربية، أنتم لا تعرفون حتى أسماء هذه القرى العربية وأنا لا ألومكم، لأن كتب الجغرافيا لم تعد موجودة، وليست كتب الجغرافيا وحدها، بل القرى العربية نفسها لم تعد موجودة، وما من موضع بني في هذا البلد إلا وكان أصلًا لسكانٍ عرب”.
هذا ما ذكره قادتهم على مرأى ومسمع من العالم الذي يراقب في صمت، ليعلم أن الفلسطينيين إنما قتلوا وشردوا ودمروا ليس لأنهم باعوا أرضهم، بل لأنهم صامدون عليها بطريقة تعجب لها العدو نفسه، إذ يقول يعكوف بيريس رئيس الشاباك: “الفلسطينيون مستعدون لتقديم تضحيات من أجل التخلص من الاحتلال؛ إن هذا وحده يكفي لخسارة إسرائيل المعركة”.
الفكرة من كتاب فلسطين وأكذوبة بيع الأرض
من المؤسف أن يقال عن الشعب الذي استمسك بأرضه حتى آخر رمق إنه باعها طواعية واستمتع بثمنها، ومن المؤسف أيضًا أن تسمى القضية “قضية فلسطين” لمحاولة إظهارها حربًا سياسية. أكاذيب عدة تفنن الاحتلال في ترويجها لوأد كل سبل التعاطف مع شعب فلسطين، باعتباره شعبًا معتديًا من البداية، فانتشرت شائعات من نوع “فلسطين أرض بلا شعب”، “الفلسطينيون خرجوا منها طوعًا”، “الحق التاريخي والطبيعي لليهود في فلسطين”، لتنشأ الضرورة للتدليل على حجة العرب ودعواهم كما يقول المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي .
ولا شك أن خطر تلك الكذبات ليس في تصديق العالم وتوقفه عن مساندة القضية فقط، بل في خروج أجيال جديدة من أبناء الشعب المحتل تشربوا تلك المزاعم، ليس على أنها مزاعم بل على أنها حقائق مسلم بها، ليجلسوا على طاولة المفاوضات يطالبون بحل الدولتين!
هذا الكتاب الذي نُشر في 2004م، يصور الطرق الشائنة التي سقطت بها فلسطين، منذ كانت ولاية عثمانية حتى سقوطها في قبضة الاحتلال البريطاني الذي سلمها لشتات اليهود على طبق من فضة ليقيموا دولتهم، وأخيرًا سياسة الاحتلال التعسفية التي ما زال يمارسها إلى يومنا هذا من أجل السيطرة على باقي الأرض، ويقدم كذلك أدلة قوية على مزاعمه، ليس على ألسنة العرب ولا حتى المسلمين، بل على ألسنة الصهاينة أنفسهم الذين نشؤوا وتربوا في الأراضي المحتلة.
مؤلف كتاب فلسطين وأكذوبة بيع الأرض
عيسى القدومي: باحث وكاتب صحفي فلسطيني. حاصل على الدكتوراه في التاريخ والفكر الإسلامي عام 2012م. عضو جمعية الصحفيين الكويتية ورئيس تحرير مجلة بيت المقدس. له كتابات في الصراع العربي الصهيوني، والدراسات المتعلقة بالقدس والمسجد الأقصى.
ومن مؤلفاته:
مصطلحات يهودية احذروها.
المسجد الأقصى حقائق لا بد أن تعرف.
المسجد الأقصى الحقيقة والتاريخ.
تاريخ القدس بين تضليل اليهود وتضييع المسلمين.