فلسطين تحت الحكم العثماني
فلسطين تحت الحكم العثماني
بدأت مأساة فلسطين قبل وقت طويل من سقوط 1948م، كأن هزيمة العرب في حرب 48 التي نعرفها باسم “حرب فلسطين” لم تكن إلا المسمار الأخير في نعش فلسطين، ذلك النعش الذي عمل اليهود على بنائه لمدة عقود طويلة بدأت مذ كانت فلسطين ولاية عثمانية.
بدأ الأمر عام 1845م عندما رفضت الحكومة العثمانية طلب بريطانيا بطرد مسلمي فلسطين وإحلال اليهود مكانهم، ثم في عام 1882م تزايدت وفود اليهود المهاجرة إلى فلسطين، ولكن وضعت الدولة العثمانية قوانين تمنع اليهود من الإقامة في فلسطين أو حيازة أراضيها، وكان السلطان العثمانى عبد الحميد شديد الصرامة في هذا الأمر مما كلفه عرشه في النهاية، ثم توالت الضغوط البريطانية على الحكومة العثمانية بحجة حفظ حقوق الإنسان؛ بدأت بقانون “تصرف الأشخاص الحكمية” عام 1910م الذي منح الشركات حق تملك الممتلكات غير المنقولة، ثم منح الحق للأجانب في تملك الأراضي والتصرف فيها كالعثمانيين تمامًا بلا شروط.
بمثل تلك الأساليب الملتوية تملك اليهود أراضي في فلسطين، إذ تمكن “مونتفيوري” من شراء أول قطعة أرض في القدس لبناء مستشفى، لكنه بناها حيًّا سكنيًّا لليهود عُرف باسم “حي مونتفيوري” عام 1855م، ثم أقيمت “مدرسة نيتر” أول مدرسة زراعية يهودية عام 1870م، وكذلك لا يمكن تناسي الدور الذي قام به كبار الملاك والإقطاعيون من بيع الأراضي لليهود، مثل عائلات سرسق وتويني ومدور اللبنانية، وعائلات كسار وروك وحنا الفلسطينية، وذلك في عام 1886م، حتى بلغت مساحة ما بيع 625,000 دونم، من أصل 27,000,000 دونم مساحة فلسطين (لا تتعدى 2.5%). هذا ما أُخذ بالتراضي، غير أن بعض فقراء فلسطين اضطروا لبيع أراضيهم نتيجة تراكم الديون التي خلفتها الضرائب الباهظة، وإلا كانت الأرض تُسحب منهم إن عجزوا عن دفع الضرائب، فاستحوذ اليهود على 1% أخرى من أرض فلسطين.
الفكرة من كتاب فلسطين وأكذوبة بيع الأرض
من المؤسف أن يقال عن الشعب الذي استمسك بأرضه حتى آخر رمق إنه باعها طواعية واستمتع بثمنها، ومن المؤسف أيضًا أن تسمى القضية “قضية فلسطين” لمحاولة إظهارها حربًا سياسية. أكاذيب عدة تفنن الاحتلال في ترويجها لوأد كل سبل التعاطف مع شعب فلسطين، باعتباره شعبًا معتديًا من البداية، فانتشرت شائعات من نوع “فلسطين أرض بلا شعب”، “الفلسطينيون خرجوا منها طوعًا”، “الحق التاريخي والطبيعي لليهود في فلسطين”، لتنشأ الضرورة للتدليل على حجة العرب ودعواهم كما يقول المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي .
ولا شك أن خطر تلك الكذبات ليس في تصديق العالم وتوقفه عن مساندة القضية فقط، بل في خروج أجيال جديدة من أبناء الشعب المحتل تشربوا تلك المزاعم، ليس على أنها مزاعم بل على أنها حقائق مسلم بها، ليجلسوا على طاولة المفاوضات يطالبون بحل الدولتين!
هذا الكتاب الذي نُشر في 2004م، يصور الطرق الشائنة التي سقطت بها فلسطين، منذ كانت ولاية عثمانية حتى سقوطها في قبضة الاحتلال البريطاني الذي سلمها لشتات اليهود على طبق من فضة ليقيموا دولتهم، وأخيرًا سياسة الاحتلال التعسفية التي ما زال يمارسها إلى يومنا هذا من أجل السيطرة على باقي الأرض، ويقدم كذلك أدلة قوية على مزاعمه، ليس على ألسنة العرب ولا حتى المسلمين، بل على ألسنة الصهاينة أنفسهم الذين نشؤوا وتربوا في الأراضي المحتلة.
مؤلف كتاب فلسطين وأكذوبة بيع الأرض
عيسى القدومي: باحث وكاتب صحفي فلسطيني. حاصل على الدكتوراه في التاريخ والفكر الإسلامي عام 2012م. عضو جمعية الصحفيين الكويتية ورئيس تحرير مجلة بيت المقدس. له كتابات في الصراع العربي الصهيوني، والدراسات المتعلقة بالقدس والمسجد الأقصى.
ومن مؤلفاته:
مصطلحات يهودية احذروها.
المسجد الأقصى حقائق لا بد أن تعرف.
المسجد الأقصى الحقيقة والتاريخ.
تاريخ القدس بين تضليل اليهود وتضييع المسلمين.