كظم الغيظ
جاء في الحديث النبوي الشريف أن “الغضب جمرة في قلب ابن آدم تتوقَّد”، فالأثرة والعاطفة من طبيعة النفس البشرية كما ذكرنا سابقًا، ومع ذلك فكما ذكرنا أيضًا فإن المسؤولية الفردية كمعنى حضاري لبناء الإنسان كما جاء في حديث “المؤمن للمؤمن كالبنيان” تقتضي تنمية الشخصية الإسلامية وتأهيلها لإدراك النجاح المجتمعي ككل.
لذا فلا ينبغي أن ننساق وراء طبيعتنا، فهذا ليس من مقتضى الشريعة، بل إن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: “ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب”، فالقوة ليست في فرض الرأي، بل في تحمُّل الخلاف والسيطرة على الشهوات.
وهنا تسعة أسباب ذكرها الكاتب لكظم الغيظ: أولًا كظم الغيظ هو رحمة وشفقة على المخطئ، وثانيًا هو سعة للصدر، ثم ثالثًا شرف للنفس وعلو للهمة، وأما رابعًا فطلب للثواب عند الله كما في الحديث “من كظم غيظًا وهو قادر على أن يفنده دعاه الله (عز وجل) على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيِّره من أي الحور شاء”.
خامسًا كظم الغيظ من استحياء الإنسان إذا وضع نفسه في مقابلة المخطئ، أما سادسًا فهو التدريب على الصبر والسماحة، والسبب السابع قطع للطريق أمام السباب، والسبب الثامن هو رعاية المصلحة، كما وصف الرسول الحسن بن علي (رضي الله عنه): “ابني هذا سيد ولعلَّ الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين”، وأخيرًا السبب التاسع هو أن كظم الغيظ حفظ للمعروف السابق والجميل السالف.
والذين يختارون السير في طريق مستقيم يحتاجون إلى الإعراض عن الجاهلين أولًا، وإلى المدافعة بالتي هي أحسن ثانيًا، والحفظ على النفس وسكينتها ثالثًا، وألا يجرمنهم الشنآن على رد الحق بباطل أو الإصرار على الخطأ، وعليهم أخيرًا أن يتذكَّروا أن أذى الدنيا إما كفارة لخطيئة، أو رفع درجة، أو بلوغ منزلة.
الفكرة من كتاب شكرًا أيها الأعداء
يقول حاتم الأصم: “معي ثلاث خصال بها أظهر على خصمي”، قالوا: “أي شيء هي؟”، قال: “أفرح إذا أصاب خصمي، وأحزن له إذا أخطأ، وأحفظ نفسي ألا تتجاهل عليه”، في هذا الإطار يأتي هذا الكتاب بمقالاته العديدة ليناقش قضية الخصومة بين أفراد الأمة المسلمة.
هنا يشرح لنا سلمان العودة لماذا حدثت هذه الخلافات بين الأمة الواحدة وكيف تفاقمت بحيث أصبحنا في صراع دائم من النقد والرد، كذلك فهو يحدثنا عن كيفية الخروج من هذه الصراعات بمستوياتها المختلفة وكيفية الحفاظ على السلام مع النفس والتعايش والتصافي مع الآخرين على الرغم من الخلاف.
مؤلف كتاب شكرًا أيها الأعداء
سلمان العودة: داعية وعالم دين ومفكر إسلامي سعودي من مواليد عام 1956م في القصيم، وقد تخرَّج في كلية الشريعة وأصول الدين وحصل على الماجستير والدكتوراه في السُّنة، وعمل أستاذًا بالجامعة حتى تم إيقافه، حيث كان من أبرز من أطلق عليهم مشايخ الصحوة في الثمانينيات والتسعينيات، وشغل العديد من المناصب في المؤسسات والمجالس والجمعيات الخيرية الإسلامية.
عرف عن العودة استهدافه للشباب بمؤلفاته وبرامجه التلفزيونية، فقد ألَّف العديد من الكتب، مثل كتاب “رسالة الشباب المسلم في الحياة”، وكتاب “بناتي”، كما قدَّم عددًا من البرامج عبر القنوات الفضائية مثل برنامج “الحياة كلمة”، وبعض البرامج عبر اليوتيوب مثل برنامج “وسم”، وبرنامج “آدم”.