الفكر المأزوم
الفكر المأزوم
عندما يصف الكاتب البشر وفقًا للتحرُّك والفاعلية فهو يقسمهم إلى قسمين: الأول ما أسماه بـ”أمسك الشمس”، وهو الشخص الذي يمشي على طريق مستقيم لا يتوقف فيه أمام الأخطاء، بل يعالجها بالمزيد من العمل ويعتمد على الزمن لتوضيح أفكاره، أما القسم الثاني فيعبر عنه بـ”الدائرة المفرغة”، وهو الشخص الذي يدور بين إنتاج عمل ما وبين التردُّد فيه والرد على مخالفيه، فلا يحقِّق شيئًا مما أراد في النهاية.
وهذا الدوران وإضاعة الوقت في الرد من سمات الفكر المأزوم، حيث تتحول الاختلافات إلى أزمات وتسيطر الأزمات على صاحبها وتصنع لديه موقفًا مضخمًا فكريًّا وعاطفيًّا ونفسيًّا، كذلك فإن من سمات هذا الفكر محاولة التهرُّب من الأخطاء والمشاكل متجاهلًا حتى قوانين السببية وبديهيات التفكير المنطقي السليم.
إضافةً إلى ذلك فإن المتأزم فكريًّا، يقضي القليل من الوقت لشرح أفكاره بوضوح بينما يكرِّس عمرًا طويلًا في التمسك بأخطائه ومهاجمة مخالفيه ظانًّا أنه لن ينجح إلا بإعاقة الآخرين، وهذه النفس المشغولة ببحث وجمع عثرات الآخرين ومحاصرتهم بها هي نفس مريضة ضعيفة الثقة بالنفس ظالمة لنفسها.
ومن وسائل أصحاب الفكر المتأزِّم: إبقاء الخلاف في الصدارة بدلًا من إبقائه على الهوامش، فمتأزم الفكر يهرب من صرف الوقت والجهد فيما هو أولى من العمل على بناء وتعزيز أفكاره بهذا الدوران الفارغ، بينما يردم الداعية الرشيد ما فسد من عوادي الزمان والأمم ويخفِّف من أجواء الشر والفتن فلا يحترق معها ولا يحتطب لها.
الفكرة من كتاب شكرًا أيها الأعداء
يقول حاتم الأصم: “معي ثلاث خصال بها أظهر على خصمي”، قالوا: “أي شيء هي؟”، قال: “أفرح إذا أصاب خصمي، وأحزن له إذا أخطأ، وأحفظ نفسي ألا تتجاهل عليه”، في هذا الإطار يأتي هذا الكتاب بمقالاته العديدة ليناقش قضية الخصومة بين أفراد الأمة المسلمة.
هنا يشرح لنا سلمان العودة لماذا حدثت هذه الخلافات بين الأمة الواحدة وكيف تفاقمت بحيث أصبحنا في صراع دائم من النقد والرد، كذلك فهو يحدثنا عن كيفية الخروج من هذه الصراعات بمستوياتها المختلفة وكيفية الحفاظ على السلام مع النفس والتعايش والتصافي مع الآخرين على الرغم من الخلاف.
مؤلف كتاب شكرًا أيها الأعداء
سلمان العودة: داعية وعالم دين ومفكر إسلامي سعودي من مواليد عام 1956م في القصيم، وقد تخرَّج في كلية الشريعة وأصول الدين وحصل على الماجستير والدكتوراه في السُّنة، وعمل أستاذًا بالجامعة حتى تم إيقافه، حيث كان من أبرز من أطلق عليهم مشايخ الصحوة في الثمانينيات والتسعينيات، وشغل العديد من المناصب في المؤسسات والمجالس والجمعيات الخيرية الإسلامية.
عرف عن العودة استهدافه للشباب بمؤلفاته وبرامجه التلفزيونية، فقد ألَّف العديد من الكتب، مثل كتاب “رسالة الشباب المسلم في الحياة”، وكتاب “بناتي”، كما قدَّم عددًا من البرامج عبر القنوات الفضائية مثل برنامج “الحياة كلمة”، وبعض البرامج عبر اليوتيوب مثل برنامج “وسم”، وبرنامج “آدم”.