الحد من التسلح
الحد من التسلح
أدركت القوتان أن زمام الأمور يوشك أن ينفلت، فاتجهتا إلى الحد من التسلح بدلًا من سباق التسلح، ومن خلال سلسلة طويلة من تعثر المفاوضات التي توالى عليها عديد من زعماء البلدين، وقّع الزعيمان جُورْباتشُوف ورِيجان معاهدة الحد من الصواريخ فوق المتوسطة المدى في ديسمبر 1978م. وبعد انتهاء الحرب الباردة وقع جورج بوش الأب وجورباتشوف معاهدة “ستارت1” في يوليو 1991م، التي تضمنت أن تتخلص كل قوة من خمسين بالمئة من الرؤوس النووية المحمولة على صواريخ بالِسْتِيَّة.
لكن في ضوء الترصد للانتقام الذي قد يحدثه الطرف الآخر إذا مالت كفة القوة لصالحه، قررت القوتان تطوير منظومة دفاعية مضادة للصواريخ البالستية، التي من شأنها أن تمكن الدولة من درء الهجوم قبل أن يصل إلى أراضيها، وليس فقط الارتكان إلى سياسة الأخذ بالثأر، فحتى عام 1970م كانت موسكو تعمل على اختبار المنظومة “جالوش”، كما طورت صواريخ S200 الاعتراضية، في حين دأبت واشنطن لتفعيل المنظومة “سيف جارد”. عندئذٍ أوشك مفهوم الردع أن يتلاشى لولا أن وقَّعت القوتان في 1972م معاهدة “الصواريخ المضادة للصواريخ البالستية” التي فرضت على كل طرف الاكتفاء بموقعين فقط لهذه الصواريخ يفصلهما ما لا يقل عن ثمانمئة ميل.
حاول ريجان التملص من المعاهدة في خطاب ألقاه في مارس 1983م، اقترح فيه إنشاء مبادرة دفاع استراتيجي -سُميت لاحقًا “حرب النجوم”- تحمي الشعب الأمريكي من خطر الصواريخ السوفيتية، وقد حاول المؤيدون للفكرة تأويل نص المعاهدة على غير المعنى الذي صيغت به، ولكن لم تُنقض المعاهدة فعليًّا إلا بعد هجمات سبتمبر حينما أعلن بوش في ديسمبر 2001م أن أمريكا ستنسحب من المعاهدة بعد ستة أشهر، وفي خلال عام نشر منظومة صواريخ بدائية، مما أثار بعض المخاوف من نشر منظومة مكلفة وغير فعالة. وقد تزايدت تلك المخاوف عند حساب التكلفة التي يتطلبها إنشاء منظومة دفاعية يمكن الاعتماد عليها، إذ قُدرت بتريليون دولار ونصف قابلة للزيادة.
الفكرة من كتاب الأسلحة النووية: مقدمة قصيرة جدًّا
في عام 1945م بلغت قوة القنبلة الذرية الملقاة على هيروشيما 20 ألف طن، وقتلت نحو 140 ألف شخص. ما الذي قد يحدث أسوأ من ذلك؟ ربما كان هذا لسان حال كل من شهد تلك الحقبة المظلمة من التاريخ، لكن في 1952م حدث الأسوأ، عندما اختبرت الولايات المتحدة القنبلة “مايك” التي كانت أقوى خمسمئة مرة من القنبلة الملقاة على هيروشيما. وفي عام 2007م حدث الأسوأ والأسوأ، إذ امتلكت روسيا أسلحة نووية تُمَكنها من القضاء على البشرية 29 مرة، بينما كان بمقدور الولايات المتحدة القضاء عليها 18 مرة.
إلى أين يسير العالم؟ هل يمكن أن ينتهي التاريخ في غضون دقائق؟ هل بإمكان رجل واحد أن يقود العالم بأجمعه إلى حتفه؟
هذا ما يناقشه الكتاب، فيتعرض لتعريف القوى النووية، ومتى ظهرت، ولماذا ابتُكِرَت من الأساس، وكيف تصرف المجتمع الدولي إزاء هذا الشر الذي صُنِع بأيدٍ بشرية.
مؤلف كتاب الأسلحة النووية: مقدمة قصيرة جدًّا
جوزيف إم سيراكوسا: أستاذ الأمن البشري والدبلوماسية الدولية في المعهد الملكي للتكنولوجيا في ملبورن بأستراليا، اشتهر دوليًّا بكتاباته في مجالات الدبلوماسية الدولية، والأسلحة النووية، والحرب الباردة.
له عدة مؤلفات منها:
تاريخ السياسة الخارجية الأمريكية.
الدبلوماسية: مقدمة قصيرة جدًّا.
معلومات عن المترجم:
محمد فتحي خضر: مترجم مصري، عمل في المركز القومي للترجمة، ومؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة في الفترة بين 2012م – 2019م، وحاز جائزة المركز القومي للترجمة عن كتاب “البدايات: 14 مليار عام من تطور الكون”.
وترجم كتبًا أخرى منها:
أخلاق الرأسمالية.
النسبية: مقدمة قصيرة جدًّا.