الحرب الباردة تدخل الصورة
الحرب الباردة تدخل الصورة
أرادت واشنطن احتكار سلاحها الجديد، فقدمت خطة إلى الأمم المتحدة في يونيو 1946م عُرفت “بخطة بارُوخ”، تهدف إلى منع انتشار الأسلحة النووية، وذلك بإعطاء الحق للأمم المتحدة بالإشراف على التكنولوجيا والمواد الخام المستخدمة في صناعتها، وبالطبع يقترن ذلك الإشراف بأن تسمح الدول بالتفتيش التدخلي في أراضيها للتحقق من مدى التزامها بالمعاهدات، وهو ما اعتبرته موسكو تجسسًا صريحًا. وفي حركة دبلوماسية من الكِرِمْلِين، أعلن أنْدِرِيه جرُومِيكُو -نائب وزير الخارجية السوفيتي- أن المفاوضات لا يمكن أن تتم قبل أن تدمر الولايات المتحدة أسلحتها في غضون ثلاثة أشهر، وهكذا وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود انتهى بتعليق أعمال لجنة الأمم المتحدة للطاقة الذرية في نوفمبر 1949م. وفي العام نفسه نجح السوفيت في اختبار أولى قنابلهم الذرية؛ عُلم لاحقًا أنهم بدؤوا برنامجهم الذري عام 1943م، كما لعب الجواسيس دورًا بارزًا في نقل المعلومات من مشروع مانهاتن إلى العلماء السوفيت عن طريق منظمة بيريا.
أدركت الولايات المتحدة خطأها بعدم بذل الجهد والمال الكافييْن لاحتكار القنبلة الذرية، فعلى عكس الدول، خرجت الولايات المتحدة من الحرب العالمية الثانية باقتصاد متين، فلم يكن تلكؤها في تطوير ترسانتها النووية ناجمًا عن ضغوط اقتصادية بقدر ما هو قرار سياسي. وتفاقم الأمر بعدما حاصر ستالين برلين عام 1948م، وأدركت واشنطن عجزها عن هزيمة الجيش الأحمر في حرب تقليدية، حينها لوّح الحلفاء إلى قدرتهم على محو المدن السوفيتية من الوجود، رغم معرفتهم أن الطبيعة الجغرافية للاتحاد السوفيتي تقلل من احتمالية ضرب أهداف ذات قيمة، لكن كرجل فقد 27 مليونًا من شعبه خلال الحرب، صرح ستالين بلا اكتراث: “القنبلة الذرية مقصود بها إخافة ذوي الأعصاب الضعيفة، لكنها تعجز عن تحديد مصير الحرب”، ومع الإخفاقات المتتالية للحرب الباردة وخسارة الصين لصالح حزب ماو تسي تونج الشيوعي، دارت نقاشات في الولايات المتحدة عن تطوير جيل جديد من الأسلحة، يعتمد على اندماج ذرات الهيدروجين وليس الانشطار كما هو الحال في القنبلة الذرية، لتسفر عن سلاح أكثر فتكًا حمل اسم “القنبلة الهيدروجينية” أو “القنبلة النووية الحرارية”.
الفكرة من كتاب الأسلحة النووية: مقدمة قصيرة جدًّا
في عام 1945م بلغت قوة القنبلة الذرية الملقاة على هيروشيما 20 ألف طن، وقتلت نحو 140 ألف شخص. ما الذي قد يحدث أسوأ من ذلك؟ ربما كان هذا لسان حال كل من شهد تلك الحقبة المظلمة من التاريخ، لكن في 1952م حدث الأسوأ، عندما اختبرت الولايات المتحدة القنبلة “مايك” التي كانت أقوى خمسمئة مرة من القنبلة الملقاة على هيروشيما. وفي عام 2007م حدث الأسوأ والأسوأ، إذ امتلكت روسيا أسلحة نووية تُمَكنها من القضاء على البشرية 29 مرة، بينما كان بمقدور الولايات المتحدة القضاء عليها 18 مرة.
إلى أين يسير العالم؟ هل يمكن أن ينتهي التاريخ في غضون دقائق؟ هل بإمكان رجل واحد أن يقود العالم بأجمعه إلى حتفه؟
هذا ما يناقشه الكتاب، فيتعرض لتعريف القوى النووية، ومتى ظهرت، ولماذا ابتُكِرَت من الأساس، وكيف تصرف المجتمع الدولي إزاء هذا الشر الذي صُنِع بأيدٍ بشرية.
مؤلف كتاب الأسلحة النووية: مقدمة قصيرة جدًّا
جوزيف إم سيراكوسا: أستاذ الأمن البشري والدبلوماسية الدولية في المعهد الملكي للتكنولوجيا في ملبورن بأستراليا، اشتهر دوليًّا بكتاباته في مجالات الدبلوماسية الدولية، والأسلحة النووية، والحرب الباردة.
له عدة مؤلفات منها:
تاريخ السياسة الخارجية الأمريكية.
الدبلوماسية: مقدمة قصيرة جدًّا.
معلومات عن المترجم:
محمد فتحي خضر: مترجم مصري، عمل في المركز القومي للترجمة، ومؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة في الفترة بين 2012م – 2019م، وحاز جائزة المركز القومي للترجمة عن كتاب “البدايات: 14 مليار عام من تطور الكون”.
وترجم كتبًا أخرى منها:
أخلاق الرأسمالية.
النسبية: مقدمة قصيرة جدًّا.