الاستدامة والميزة التنافسية
الاستدامة والميزة التنافسية
أصبح مفهوم “الاستدامة” على رأس أولويات الشركات في العصر الحالي، لأن مقياس نجاح الشركات اليوم صار يعتمد على تقديم منتجات صديقة للبيئة، وفي الوقت نفسه تُلبي رغبات الزبائن وحاجاتهم، وهو ما يُعبر عن اضطلاع الشركات بمسؤولياتها الاجتماعية، كما تدفعها دفعًا باتجاه الاعتماد على التكنولوجيات الجديدة المتطورة، وتُشجِّعها على الإبداع والابتكار، ومن ثم تحسين مستويات الإنتاج، وإيجاد منتجات بديلة صديقة للبيئة، وتطبيقًا على ذلك، طورت شركة “DuPont” الأمريكية تقنيات جديدة لإنتاج مادة السيليلوز للمنتجات الزراعية في البيوت الزجاجية، فترتب على ذلك انخفاض الانبعاثات الغازية بنسبة 60%، إذ كانت تتسبب في الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الجو.
وتسعى جميع الشركات بكل السُّبل إلى البقاء في السوق والحفاظ على مكانتها ومجال عملها، لكن ذلك لا يتم بسهولة بسبب المنافسة المحتدمة بين الشركات التي تعمل في المجال نفسه، لذلك تلجأ كل شركة إلى الحصول على ميزة تنافسية تعبر بها عن تفردها عن بقية الشركات في مجالها، وهذا لا يكون إلا بوجود إبداع فكري يتسق مع الإمكانات التي تمتلكها الشركة، لأنه من دون الابتكار والإبداع الفكري سوف تكون الأفكار مقلدة، ومن ثمَّ تنعدم الميزة التنافسية، وبناءً على ذلك تُعد الميزة التنافسية سلاح الشركة الفعّال للبقاء والاستمرار في السوق، في ظل مواجهة المنافسين الآخرين والمتغيرات والتطورات المتسارعة، ويمكن أن تتميز الشركة من غيرها بالأسعار المنخفضة، أو بالخدمات المضافة إلى ما بعد البيع أو غيرهما، وبناءً على ذلك يمكن الربط بين الميزة التنافسية والاستدامة عن طريق وقف استنزاف الموارد الطبيعية، والعمل على إيجاد بدائل تعطي الشركة ميزة تنافسية وفي الوقت نفسه تعمل على حماية البيئة.
وتطبيقًا على ذلك، استطاعت شركة “hp” أن تجمع بين الميزة التنافسية والاستدامة، وذلك عن طريق اعتمادها على أولويات أساسية، من بينها، أولًا: “اعتماد سلسلة تجهيز” إذ هيأت الشركة القيادات الإدارية لرفع مستوى أداء العاملين بها والتزامهم بالمعايير البيئية، ثانيًا: “المناخ والطاقة”، فعملت على تقليل التأثيرات السلبية لمنتجاتها في المناخ، إلى جانب تقليل التأثيرات السلبية الناتجة عن استخدام الطاقة، ثالثًا: “إعادة الاستخدام والتدوير” إذ تقوم الشركة بتوعية الجمهور، وتقدم إليهم مقترحات حول إعادة استخدام منتجاتها وإعادة تدويرها بُغية الحفاظ على الموارد الطبيعية، رابعًا: “المنتجات” إذ تصمم الشركة منتجاتها بما ينسجم مع الحد من استنزاف الموارد الطبيعية، وإمكانية إعادة تدويرها دون تأثيرات سلبية في البيئة، وبذلك تمكنت من تحقيق ميزتها التنافسية، وفي الوقت نفسه تحقيق الاستدامة بتقليل نسبة التلوث، وخفض الإشعاعات الناتجة عن عمليات التصنيع، إضافة إلى إمكانية إعادة تدوير منتجاتها للحد من استنزاف المصادر الطبيعية.
الفكرة من كتاب قضايا معاصرة في التسويق
يستعرض الكاتب مجموعة من القضايا الخاصة بالتسويق، ويُبين أنه في ظل المنافسة الشديدة بين الشركات يتعين على كل شركة أن تعمل على التفرُّد من خلال التسويق بالعلاقات بجعل علاقتها بالزبون لا تتوقف عند مرحلة الشراء، وأن على الشركة أيضًا أن تحقق ميزة تنافسية تجمع بين الإبداع والاستدامة، كما يوضح أنه بات من الهام أن تعتنق الشركات مفهوم التسويق الأخضر بإيجاد منتجات وسلع صديقة للبيئة يمكن إعادة استخدامها وتدويرها.
مؤلف كتاب قضايا معاصرة في التسويق
ثامر البكري: هو أستاذ دكتور حاصل على بكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة بغداد، وحصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال، وكذلك درجة الدكتوراه من الجامعة نفسها في فلسفة إدارة الأعمال، من كتبه:
إدارة التسويق.
استراتيجيات التسويق الأخضر.
تسويق الخدمات المالية.
تسويق الخدمات الصحية.
التسويق والمسؤولية الاجتماعية.
بحوث التسويق.. أسس وحالات.