الآثار الضارة الخاصة بالتلقي الأولي والثانوي
الآثار الضارة الخاصة بالتلقي الأولي والثانوي
يُعد “التلقي الأولي” -وهو الفترة التي تلي نشر المنشور مباشرةً- أكثر شيء يُركز عليه المدونون على مواقع التواصل الاجتماعي، ويعيبه الافتقار إلى “لغة الجسد” كنبرة الصوت والإيماءات وتعبيرات الوجه التي تشير إلى طبيعة التواصل وتجعل المتلقي يعلم على أي محمل ينبغي أن يؤخذ المحتوى، ومن ثمَّ فإن عدم رؤية الجمهور للمدوِّن وعدم رؤية المدوِّن للجمهور تعني الحرمان الآني لتشكيل وإعادة تشكيل التواصل الذي يُغذي عملية التفاعل، وقد حاولت مواقع التواصل الاجتماعي تعويض القصور في التواصل الآني عن طريق تعبيرات الوجه (الإيموشنات) إلا أن فاعليتها ما زالت محدودة، ومن ثم ظلَّت عملية التواصل ذات أثر مضلّل.
أما بالنسبة إلى “التلقي الثانوي” فتوجد ثلاثة أساليب رئيسة تؤدي إلى النظر إلى منشورٍ أو رسالة ما على مواقع التواصل الاجتماعي خارج سياقها الزمني الأصلي، ما يؤدي إلى صعوبات في التفاعل، أولًا: أن السلوك الذي كان طبيعيًّا في مرحلة ما من حياة الإنسان يمكن أن يكون مثيرًا للجدل ومُستهجنًا وغير طبيعي في مرحلة تالية من حياته، ثانيًا: أن الأعمال والسلوكيات السيئة والجرائم التي قام بها الأفراد في فترة سابقة من حياتهم وطواها الزمن يمكن أن تتسبب في استهجان الناس إذا عاودت الظهور مرّة أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي، ثالثًا: أن كثيرًا من المعايير والأعراف تتغير وتتبدل مع مرور الزمن، ومن ثمَّ قد تنظر الأجيال القادمة إلى بعض الأمور التي يفعلها الجيل الحالي وتعتبرها تخلفًا، مثلما ننظُر الآن إلى العنصرية على أنها فعل شائن وضد الإنسانية.
يتصوَّر بعض الباحثين وكثير من الناس أن الذاكرة الرقمية ذاكرة مكتملة وتامة، بينما ينسبون النقص إلى الذاكرة البشرية، وفي الحقيقة إن لكل من النظامين مميزات وأوجه قوة، وبخصوص “الذاكرة الرقمية” فإنه ينبغي أن تتوافر فيها ثلاث خصائص، أولًا: “سهولة الوصول” وهي القدرة على تداول المحتوى مع الآخرين خارج سياقه الأصلي متى استدعي ذلك، وهذا لا يكون متوافرًا في كثير من محركات البحث، ثانيًا: “الاستمرارية” إذ يجب أن تتمتع تلك البيانات بالاستمرارية، وألا تتعرض للفقد، وهو ما لا يحدث مع مواقع التواصل الاجتماعي، إذ كشفت إحدى الدراسات أن 27% من محتوى مواقع التواصل الاجتماعي بين عامي 2007م و 2012م فُقد، كما أنه في حال قررت إحدى مواقع التواصل الإغلاق غدًا فإن من المتوقع ألا يستطيع المرء استعادة أكثر من 61% من محتواه، ثالثًا: “الشمولية” وهي قدرة ومستوى التذكُّر، وتقع هذه العملية تحت رحمة الخوارزميات التي ترتب النتائج وفقًا لتحيزات معينة، وليس بحسب أهميتها للشخص.
الفكرة من كتاب حين شاركنا حياتنا عبر الإنترنت: مخاطر كشف غطاء الخصوصية عبر وسائل التواصل الاجتماعي
يُبين الكاتب في هذا الكتاب مجموعة من الموضوعات المتعلقة بالخصوصية، ويُركز على الآثار السلبية والمخاطر المترتبة على ما يفعله عديد من الناس على وسائل التواصل الاجتماعي من مشاركة حياتهم الخاصة والكشف عن الذات والهوية، وفي هذا الجانب يستعرض الكاتب مجموعة من المواقف التي تعرَّض لها عديد من الناس نتيجة ما ينشرونه عن ذواتهم على الإنترنت، وخصوصًا مواقع التواصل الاجتماعي، وأثر ذلك في مجال عملهم ودراستهم وحياتهم بشكل عام.
مؤلف كتاب حين شاركنا حياتنا عبر الإنترنت: مخاطر كشف غطاء الخصوصية عبر وسائل التواصل الاجتماعي
ديفيد أر. بريك : هو باحث وأكاديمي حاصل على درجة الدكتوراه في وسائل التواصل الاجتماعي من كلية لندن للاقتصاد، كما أنه يعمل محررًا وصحفيًّا ومراسلًا لعديد من المؤسسات العريقة حول العالم مثل بي. بي. سي، ومجلة نيو ساينتيست، كما أنه يعمل محاضرًا في عدد من الجامعات، تتناول أبحاث بريك أثر وسائل التواصل الاجتماعي في حياة الفرد والمجتمع.
معلومات عن المترجم:
د. أحمد محمد مصطفى: مترجم، من أعماله المُترجمة الأخرى:
سباق السرعة: حل المشكلات الكبرى واختبار الأفكار الجديدة في خمسة أيام فقط.