تعليق المُقدّم إبراهيم محمود ونقدُه
تعليق المُقدّم إبراهيم محمود ونقدُه
التعليق الأوّل: استخدم “جان بودريار” صيغة الجمع في “أحداث سبتمبر” على الرغم من كونه حدثًا واحدًا، لأن الجمعانية ترتبط بما سيحدث مستقبلًا، ما سيحمل دلالة كارثية غير متوقعة، ليس على مستوى دولي ولا قارّي، بل على مستوى كوكبي، وقد حدث ذلك.
التعليق الثاني: كانت مانهاتن أكثر من تجسيد للفن المعماري، كان ثمة استعراض للقوة في المحيط البصري للمكان، فلم يكن الاعتداء لمجرد القتل، بل لتوثيق اللحظة التي تنخسف فيها هذه المدينة من أعلى حتى تُسوى بالتراب، كأنها تنتحر.
التعليق الثالث: بدت الرأسمالية في البعد المعماري لمانهاتن حقيقةً بصريةً، كأن البرج المحلق يفرض سيطرته على الأرض ليخلق حالة كونية تتنحى فيها رسملة العالم “Capitalism of the world” لتحل محلها أمركة العالم “Americanisation of the world”، وقد أدت تلك الرغبة الرأسمالية في احتواء المكان إلى استنفاد المكان نفسه، وسقوط البرج لم يكن إلا تذكيرًا بخطورة تجاوز الحدود.
التعليق الرابع: إن هدم المعمار كان ملائمًا للاعتراض على العنف الذي احتواه المبنى في صيغته الحجرية التي تشبه التوابيت، هنا يمكن الاستعانة بما يراه بودريار من أن لا أحد في أمريكا يقبل بحلول الليل والسكينة ولا بتوقف السيرورة، وهذا ما يفسر ظاهرة السيارات الأمريكية التي تسير في وضح النهار بمصابيح مضيئة، والمكاتب المهجورة من الموظفين في ناطحات السحاب التي تُترك مضاءة، والتليفزيون الذي يعمل 24 ساعة في غرف الفنادق الخالية من النزلاء.
التعليق الخامس: المتتبع لكتابات موران يجد أنه لا ينفك عن الحديث عن البعد الأزماتي للأحداث، بل ويعطيه طابعًا كوكبيًّا، كما يُلاحظ تأثره بأحداث 1968م التي شملت جميع مرافق المجتمع، لذلك لم يتردد في ربطها بالثقافة الجماهيرية ووصفها بالأزمة المعضلة التي هددت المجتمع بأكمله.وقد سارت أحداث سبتمبر على النهج نفسه وفعَّلت الأزمة عالميًّا، خصوصًا مع تدخل الشباب لنسج مؤامرات وعقد تحالفات، كل ذلك يستدعي النظر إلى الأزمة بجهود عالمية مشتركة.
الفكرة من كتاب عنف العالم
للمرة الأولى تمكن العالم من رسم صورة تضمنت كل ثقافاته وتاريخه وجنسياته ولغاته، كان ذلك عندما وُضع العنف إطارًا لتلك الصورة، فتوحد العالم عبر العنف، ليصبح العنف سيدًا للموقف ومتنًا لكتاب التاريخ الإنساني، وما سواه يعد هامشًا لا قيمة له.
هذا الكتاب يضم آراء كاتبيه عن أسئلة وجهت إليهما في معهد العالم العربي بباريس جراء أحداث 11 سبتمبر 2001م، نشرته دار Felin عام 2003م، ونُقل إلى العربية عام 2005م عن طريق دار الحوار بسوريا، فقدمه وعلق عليه: إبراهيم محمود.
مؤلف كتاب عنف العالم
إدغار موران: ولد عام 1921م، وهو أحد الفلاسفة وعلماء الاجتماع في فرنسا، ومدير فخري للأبحاث بالمركز الوطني للأبحاث العلمية، وصاحب نظرية التعقيد واستراتيجية الفكر المركب، وأحد المنظرين للمقاربة العبرمناهجية، ويعتبر من أهم المحللين للفكر المعاصر ولتاريخ الثقافة الأوربية والعالمية.
حاز جوائز عدة، من بينها الدكتوراه الفخرية في عديد من جامعات دول العالم وجائزة شارل فايون للكتاب. وله عديد من المؤلفات منها:
ثقافة أوروبا وبربريتها.
هل نسير إلى الهاوية.
الفكر والمستقبل مدخل إلى الفكر المركب.
جان بودريار: وُلد عام 1929م، هو فيلسوف فرنسي وعالم اجتماع وعالم اجتماع ثقافي، يشتهر بتحليلاته المتعلقة بوسائط الاتصال والثقافة المعاصرة والاتصالات التكنولوجية، بالإضافة إلى استنباطه مبادئ مثل المحاكاة والواقع المفرط.
له مؤلفات عدة، منها:
أمريكا.
حرب الخليج لم تحدث.
الجريمة الكاملة.
معلومات عن المترجم:
عزيز توما: مترجم عمل في عدد من دور النشر السورية، مثل دار الحوار ودار الينابيع، وترجم كتبًا عدة منها:
أحادية لغة الآخر.
انفعالات.
الإقامة في السعادة.