جان بودريار.. لماذا البرجان؟
جان بودريار.. لماذا البرجان؟
كانت عمارة البرجين من نوع خاص، قوالب حجرية مصمتة تختلف واجهتها عن الواجهة الفولاذية الزجاجية لمركز روكفلر Rockefeller center. يمكن القول إن رعب الانهيار ليس بأقل من رعب العيش داخلهما والعمل فيهما. شكّل البرجان السحر الخاص لمدينة نيويورك، وشّكلا كذلك العولمة التي أمكن الاعتراض عليها بالتخلص من البُرجين، كانت هناك رغبة جامحة في رؤية هذا النظام يتهاوى، لذلك استُهدف البُرجان التوأمان، وليس برجًا واحدًا، لأن استهداف برج واحد يعني إمكانية وقوع حادث، أما سقوط البرج الثاني فقدّم دليلًا دامغًا على حدوث اعتداء.
ظهرت مشكلة العدول عن التعليق المباشر لأن الحدث كان مجرد رد فعل، وما سيتبعه لن يكون إلا ضربًا من ضروب التمييع، كأن العالم يطالب الإرهاب أن يستأنف ما بدأه دون إحداث جَلَبة. على كلٍّ، فكوْن انهيار البرجين حدثًا لا يمكن تصوره، ليس كافيًا لصنع حدث واقعي، لأن الواقع مبدأ وقد تلاشى هذا المبدأ، وأضيف إلى الصورة مكافأةً للرعب، إذ عودتنا وسائل الإعلام أن الصورة تقوم مقام الحدث، واستهلاكها يستوفي الحدث بالوكالة.
هناك فرضيات حول الإرهاب، أولاها “الفرضية في درجة الصفر” أو “الفرضية السائدة”، وهي تعني أن العمل الإرهابي ليس له أهمية ولا معنى، وأنه مجرد انقلاب في سباق العالم نحو الخير. “الفرضية الثانية” تعطي الإرهاب مبررًا تاريخيًّا باعتباره رفضًا لسياسة العالم وتعبيرًا عن يأس الشعوب المظلومة، وهنا يمكن النظر إليه بوصفه قوة معارضة ضرورية لاستمرار النظام، والحقيقة أن بصمات النظام غالبًا ما توجد لخلق هذا النوع من الإرهاب، ولأن النظام يقسو في تغيير قواعد اللعبة، فعليه أن ينتظر ردًّا قاسيًا ممن يلعب معه، فالرهان عنيف، والقواعد صارمة، والعالم ساحة المعركة.
الفكرة من كتاب عنف العالم
للمرة الأولى تمكن العالم من رسم صورة تضمنت كل ثقافاته وتاريخه وجنسياته ولغاته، كان ذلك عندما وُضع العنف إطارًا لتلك الصورة، فتوحد العالم عبر العنف، ليصبح العنف سيدًا للموقف ومتنًا لكتاب التاريخ الإنساني، وما سواه يعد هامشًا لا قيمة له.
هذا الكتاب يضم آراء كاتبيه عن أسئلة وجهت إليهما في معهد العالم العربي بباريس جراء أحداث 11 سبتمبر 2001م، نشرته دار Felin عام 2003م، ونُقل إلى العربية عام 2005م عن طريق دار الحوار بسوريا، فقدمه وعلق عليه: إبراهيم محمود.
مؤلف كتاب عنف العالم
إدغار موران: ولد عام 1921م، وهو أحد الفلاسفة وعلماء الاجتماع في فرنسا، ومدير فخري للأبحاث بالمركز الوطني للأبحاث العلمية، وصاحب نظرية التعقيد واستراتيجية الفكر المركب، وأحد المنظرين للمقاربة العبرمناهجية، ويعتبر من أهم المحللين للفكر المعاصر ولتاريخ الثقافة الأوربية والعالمية.
حاز جوائز عدة، من بينها الدكتوراه الفخرية في عديد من جامعات دول العالم وجائزة شارل فايون للكتاب. وله عديد من المؤلفات منها:
ثقافة أوروبا وبربريتها.
هل نسير إلى الهاوية.
الفكر والمستقبل مدخل إلى الفكر المركب.
جان بودريار: وُلد عام 1929م، هو فيلسوف فرنسي وعالم اجتماع وعالم اجتماع ثقافي، يشتهر بتحليلاته المتعلقة بوسائط الاتصال والثقافة المعاصرة والاتصالات التكنولوجية، بالإضافة إلى استنباطه مبادئ مثل المحاكاة والواقع المفرط.
له مؤلفات عدة، منها:
أمريكا.
حرب الخليج لم تحدث.
الجريمة الكاملة.
معلومات عن المترجم:
عزيز توما: مترجم عمل في عدد من دور النشر السورية، مثل دار الحوار ودار الينابيع، وترجم كتبًا عدة منها:
أحادية لغة الآخر.
انفعالات.
الإقامة في السعادة.