أنا هنا.. انظروا إليَّ!
أنا هنا.. انظروا إليَّ!
يولد أطفالنا لا يعلمون شيئًا ولا يملكون غير حواسهم التي تساعدهم على إدراك العالم الخارجي، إضافةً إلى خبرتنا ودعمنا المستمر لهم، وهم مع كل تجربة جديدة وخبرة مكتسبة يتوقَّعون منا الفهم والتقدير لما يمرُّون به من مشاعر متضاربة وعدم فهم لبعض الأمور، وأحاسيس غضب وألم وحزن وفرح، ونحن كثيرًا ما نخيِّب آمالهم حين تتحوَّل نقاشاتنا معهم وتنحرف بعيدًا عن تقديرهم إلى إسماعهم الخطب والمواعظ والمحاضرات الطويلة.
أحيانًا يتصرَّف الأطفال تصرفات غير مفهومة؛ عصبية زائدة، صراخًا مستمرًّا، اعتداء على إخوته أو أصدقائه، كل هذه محاولات للتعبير عن مشاعر بداخله لم ينتبه لها والداه، وبالتالي لم يجد من يفهمه ويترجم له ما يمر به فيدعم لديه الإحساس بالأمان.
نعم، أحيانًا لا يفهم الكبار طبيعة ما يمر به الصغار، لذا هنالك وسائل وطرق لمحاولة فهمهم وتخفيف ما يمرون به، فهم في النهاية يبحثون عمن يستمع إليهم حتى ولو لم تُحل المشكلة، ومن تلك الوسائل مثلًا أن نحاول صياغة ما قالوه ونبدي تفهُّمنا لذلك، فمثلًا: عندما يخبرك طفلك أنه خائف من امتحان الغد لأنه يشعر أنه لم يذاكر جيدًا، فيكون تفاعلك معه: نعم لقد فهمت، أنت تشعر بالخوف من امتحان الغد لأنك تظن أنك لم تستعد له جيدًا.. صحيح؟ بهذا يشعر الابن أنك قد تفهَّمت مشكلته وشاركته فيها.
من الوسائل أيضًا أن نتفهَّم مشاعرهم المتناقضة ونعكسها أمامهم ليشعروا أن تلك المشاعر طبيعية ويمر بها كل أحد، فقد نحب ونكره شخصًا في آن واحد، ولكن الحقيقة أننا نحب فيه خلقًا ونكره فيه خلقًا آخر وهذا طبيعي، وإذا فهمه الطفل سيتعلم كيف يتفاعل مع مشاعره.
علينا هنا أن ننبه إلى أن تجاهل مشاعر الطفل أو التعامل معها بسخرية أو لا مبالاة لا يساعده أبدًا على تجاوز مشاكله، وربما ينتج عن ذلك شخصية عدائية أو غير سوية، وهو ما لا نريده بالطبع.
الفكرة من كتاب ابني لا يكفي أن أحبك: رحلة إلى قلب الطفل وعقله
لا تضمن لنا الحياة بمجرد الزواج والإنجاب أن نصبح آباء وأمهات صالحين وربما مثاليين، بل علينا أن نتعلم ونجتهد ونطبِّق ونقيِّم في عملية مستمرة ودوام كامل، ويستغرق ذلك سنوات طويلة نحتاج فيها إلى التحلِّي بالصبر والحكمة، ففي ظل دعوات هدم الأسر والعزوف عن الزواج والإنجاب نحتاج أن نخرج بنماذج أسرية ناجحة بنفوس سوية تعيد إلى الأسرة مكانتها المركزية في المجتمع.
يقدِّم لنا هذا الكتاب بعض المساعدة في عملية التربية.
مؤلف كتاب ابني لا يكفي أن أحبك: رحلة إلى قلب الطفل وعقله
سلوى المؤيد: بحرينية الأصل، درست الصحافة بجامعة القاهرة، ثم احترفت هذه المهنة من خلال عملها بوزارة الإعلام البحرينية كصحفية محترفة، ثم ككاتبة حرة في مختلف المجلات والصحف البحرينية والعربية، وكتبت في مواضيع مختلفة اجتماعية وتربوية وقصص ونحو ذلك، إلى جانب هذا الكتاب قامت بنقل كتاب “أب الدقيقة الواحدة” إلى اللغة العربية، كما كتبت قصة والدها الذاتية، وهو أحد أهم رجال الأعمال الحرة في البحرين.