تصوُّر الطلب للذات الإلهية
تصوُّر الطلب للذات الإلهية
إن معرفة النوازع أو المقاصد من معرفة طباع الذات، فمعرفتنا بطبيعة ذات الإنسان تسمح لنا بالحكم بأن طلبه للشيء عادةً هو سبب يحمل فائدة للإنسان، لكن جهلنا بجوهر الذات الإلهية يُبطل مدَّ تلك الدعوى إليه سبحانه.
كما أن حُب الله عبادة عبده لا يلزم منه أن المُحبَّ في نقص أو حاجة، بل هو محض فضل، وقد يكون للتعليم والتوجيه، وقد يكون لإقامة موازين العدل، فإن الطلب هو الطلب، لأنه متعلِّق بحرية الإرادة، لا بكمال القدرة، فلا يدل على كمال أو نقص إلا أن يقترن بسياقات تدل على استدعاء حاجة، فليس محض الطلب حجة بشيء في ذاته.
كما أن هذه الشبهة ليس لها محل في الجدل الإلحادي، لأنها متعلِّقة بصفات الله عز وجل لا بوجوده، وحين يخوض الإنسان في صفات الله يجب أن يقر بقصور عقله البشري، فهو لا يملك حق قياس الغائب على الشاهد، فالحكم على الشيء فرع عن تصوُّره، وذات الله عز وجل لا يستطيع الإنسان تصوُّرها ليُطلق حكمه عليها ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾، وإذا كان العقل عاجزًا عن إدراك عموم صفات الخالق، وكان الخبر عن ذات الله وصفاته من خبر الوحي.
وقد سكت الوحي عن بيان حقيقة تلك الصفات لعجز العقل عن الإحاطة بها، فتصوُّر المعترض لحقيقة الذات الإلهية الرافضة لمعنى العبودية ليس حقيقة بديهية، ولا أثرًا لاستنباط عقلي، بل هو رأي ذوقي ناتج عن حقيقة رفض الناس للطلب من الآخرين عند القدرة على الاستغناء عنهم.
الفكرة من كتاب لماذا يطلب الله من البشر عبادته؟
لِمَ يطلب منَّا الله أن نعبده، وهو غنيٌّ عن العبادة؟ ما الذي يستفيده الخالق من صلواتٍ ودعواتٍ وصيام؟ أليس طلب العبادة علامة نقصٍ ودليل احتياج؟ جميعها تساؤلات قد ترد في أذهان بعض الناس، فيحاول الكاتب الإجابة عن تلك التساؤلات المتعلِّقة بذات الله- سبحانه -، وعن الحكمة من طلب الربِّ عبادتَهُ.
مؤلف كتاب لماذا يطلب الله من البشر عبادته؟
سامي عامري: باحث ومحاضِر، متخصص في دراسات العهد الجديد والاستشراق التنصيري، حاصل على درجة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية، وصاحب مبادرة البحث العلمي لمقارنة الأديان، ويجيد اللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والعبرية والسريانية، إضافة إلى يونانية العهد الجديد.
له عدد كبير من المؤلفات ما بين مطبوع ومخطوط منها: براهين وجود الله، وبراهين النبوَّة، واستعادة النص الأصلي للإنجيل، وهل اقتبس القرآن الكريم من كتب اليهود والنصارى؟ وغيرها.