اقْتِصَادُ الانْتِبَاه
اقْتِصَادُ الانْتِبَاه
يستحوذ عمالقة الإنترنت الخمسة: (آبِلْ، وفِيسْبُوكْ، وَغُوغل، وَمَايْكرُوسُوفْت، وأمَازُونْ) على عالمنا الرّقميّ طامحين إلى تغيير البشريّة وإعادة تشكيلها، ونتيجة لذلك أصبح الشّخص المُستَخدِم لتلك التّقنيّات عبدًا لها طواعيةً، مُقبلًا عليها عن طيب خاطر، فهو بذلك سجين شاشته الرّقميّة، فاقدٌ لتركيزه وانتباهه، وهذه ليست مسألة هوس بالتّقنيّة، بقدر ما هي خطة موضوعة مسبقًا في برمجّيات تشغيل عمالقة الإنترنت الخمسة بغرض خلق “اقتصاد الانتباه”، للاستحواذ على وقت المستخدمين لتلك التّقنيّات لأطول فترة ممكنة، وظهر ذلك جليًّا في مدى الانتباه وبخاصّة لدى الجيل الحاليّ الذي تقلّص ليُصبح تسع ثواني فقط، وبدءًا من الثّانية العاشرة يُفقَد التركيز والانتباه، ولو توقفت للحظات عزيزي القارئ أو المستمع لوجدت أن شركات التّقنيّة لم تكتفِ بذلك، بل تبحث عن طرائق أخرى كي تستمرّ في جذب انتباه جيل مشتّت الانتباه من خلال تشتُّت انتباه آخر!
فلقد أصبحت أذهاننا تدور حول الذّات، من تصفحٍ لَلْفِيسْبُوكْ ونشرٍ لتغريدةٍ على تويتر، وتنقُّل من تطبيق لآخر، تاركين عقولنا مغيّبة وتابعين للخوارزميَّات، ظانّين أنّنا بذلك نكتشف عالمًا جديدًا ولكنّ الحقيقة الأليمة أننا سُجنا في تكرار جهنّمي يسرق منّا أثمن ما نملك ألا وهو وقتنا، وهذا ما دفع “تِيمْ بِيرنرزْ-لِي” مخترع شبكة (Web) إلى السَّعي لخلق “إنترنت مضاد” للقضاء على الإنترنت الحاليّ آفة سرقة الوقت التي اخترعها، ولأنّ هذا التَّطوُّر الحادث لم يكن مقدّرًا من البداية، دون حتّى أن نتوّقع أو ننتبه لذلك، نتج عنه “اقتصاد الانتباه” الّذي وضع نُصب عينيه محاولة زيادة إنتاجيّة الوقت في مقابل استخلاص مزيد من القيمة الرِّبحيّة، ولقد دمّر ذلك الاقتصاد جميع مرجعيّاتنا صانعًا بذلك مجتمع “كلّ المتاعب”، ولكن هذا كله مجرّد نظام اقتصادي كأي ممَّا سبقوه، وسبيلنا لمواجهته هو تعديل الحضارة الرّقميّة بحيث تعود إلى مسارها الصّحيح المتّوقع.
الفكرة من كتاب حضارة السمكة الحمراء.. مقالة حول سوق الانتباه
هل سبق أن جلست مع شخص ما، وفجأة نسِيَ شيئًا كان يَودُّ قوله، ثم قال مازحًا إنه يمتلك ذاكرة سمكة؟! ولكن مهلًا! ما علاقة السَّمكة بذاكرتك؟ هذا ما سنعرفه في كتابنا اليوم، فسمكة الزّينة الحمراء مدى انتباهها هو 8 ثواني لا أكثر ولا أقل، ووسط فوضى التُّكنولوجيا الحديثة أصبح مدى انتباهنا نحن والجيل الحالي لا يتعدّى التسع ثواني، أي أنّنا أصبحنا أسماكًا حمراء سجينة إناء زجاجيّ يملؤه الإنترنت، ومواقع التَّواصل الاجتماعيّ، وخاضع لسيطرة الخوارزميّات، ولتوضيح الأسباب وراء قلّة تركيزنا جاء إلينا هذا الكتاب، فهو بمنزلة إزالة للغمام من على العيون، وكسر للإناء الزُّجاجيّ الّذي يحيطنا، وطريق للتّحرُّر من إدمان الإنترنت، واسترداد للسّيطرة على العقل والوقت والحياة.
مؤلف كتاب حضارة السمكة الحمراء.. مقالة حول سوق الانتباه
برونو باتينو: كاتب وصحفي فرنسي وُلد عام 1965، حصل على دكتوراه في العلوم السياسيّة من جامعة “بَانْثِيونْ سُورْبُونْ” في عام 1998، ودرجة “برنامج الإدارة المتقدِّمة” من “إِنْسِيَادْ” في عام 2004، ويشغل حاليًّا منصب رئيس مجلس إدارة Arte France org chart.
ومن أهمّ أعماله:
La condition numérique.
S’informer, à quoi bon?
Télévisions.
معلومات عن المترجم:
د. مُصْطَفَى حِجَازِي: مفكّر وكاتب لبنانيّ، تخصّص في علم النّفس والسُّلوك النَّفسيّ والصّحّة العقليّة، وحصل على ليسانس علم النّفس من جامعة عين شمس في مصر، ثمّ على الدُّكتوراه في علم النّفس من جامعة “لِيُونْ – فَرَنْسَا”، كما شغل منصب أستاذ علم النَّفس في الجامعة اللُّبنانيّة من 1983 إلى 1990، وأستاذ الصّحّة النّفسيّة والإرشاد النّفسيّ في جامعة البحرين من 1991 إلى 2006.
ومن أبرز أعماله:
الأسرة وصحّتُها النَّفسيّة.
الإنسان المهدور.. دراسة تحليليّة نفسيّة اجتماعيّة.
التَّخلُّف الاجتماعيّ.. مدخل إلى سيكولوجيّة الإنسان المقهور.