استراتيجيَّة الاستقرار
استراتيجيَّة الاستقرار
تهدف الشركاتُ التي تتبع استراتيجيَّة الاستقرارِ إلى تقديمِ منتجاتِها وخدماتِها دون إحداثِ أي تغييرٍ، أو قد تقوم بتعديلاتٍ محدودةٍ وغيرِ جوهريَّةٍ مثل تدريب العمال، والتحسين في جودة المنتج، أو رفع ميزانية الإعلانات.
ويرى البعض أن هذا الوضع لا يُصنف استراتيجيَّةً، لكن قرار عدم إحداثِ تغييراتٍ جذريةٍ في بعض الحالات، يُعتبر قرارًا صائبًا وقائمًا على دراسةٍ، فالشركاتُ الصغيرةُ والمتوسطةُ تلجأ إلى هذه الاستراتيجيَّة للحفاظِ على مواردِها المحدودةِ ومعدلِ نموٍّ متزنٍ، بينما تُفضلها الشركاتُ التي تعمل في صناعاتٍ ثقيلةٍ كالصُّلب، بسبب قناعتها بمعدلِ الربحِ ونسبِ النموِ، وتضطر إلى اتباعِها شركاتٌ أخرى بسبب مواجهتها لبعض المعوقاتِ التي تحول بينها وبين النمو، فبعض الشركاتِ تتبعها لتُتاح لها فرصةُ مراجعةِ أعمالها كافة، بينما تلجأ إليها أخرى بسبب عدم توافرِ المواردِ الماديةِ أو عدم امتلاكِ القُدراتِ الإداريةِ، أو القيود التي تفرضها البيئةُ المُحيطةُ من عدم توافر عمالةٍ ماهِرةٍ ومُدرَّبةٍ، أو صعوبة الحصول على المواردِ والتكنولوجيا المطلوبةِ للنمو.
وعلى الرغم من كثرةِ الحالات التي تتطلَّب توجُّهَ الشركاتِ إلى هذه الاستراتيجيَّة، قد يقود التمسكُ بها لفترةٍ طويلةٍ إلى الفشلِ، بسبب ما يُحيط بها من مخاطر، فالسوق حتمًا تتغير، وهذا التغير قد يؤدي إلى تأخرِ الشركاتِ التي تتبنى استراتيجيَّة الاستقرارِ، مثل شركة “نوكيا” التي ظلت مُتمسكةً بالاستراتيجيَّةِ نفسها حتى تأخرت بمراحل عن باقي الشركاتِ المُصنعة للمحمول، وبالطبعِ لن تتحمل الكفاءاتُ والموارد البشريةُ هذا الرُّكود، فتبدأ بالرحيل للبحث عن شركاتٍ أخرى.
إذًا يجب اتباع هذه الاستراتيجيَّة لفترةٍ قصيرةٍ، وبناءً على طريقةِ تطبيقِها، يتم تقسيمها إلى ثلاثِ استراتيجيَّاتٍ، الاستراتيجيَّة الأولى تُدعى استراتيجيَّة عدم التغيير، وهي عبارة عن قرارٍ تتخذه الشركةُ بعدم القيامِ بأي شيءٍ جديدٍ، ويعتمد نجاحها على استقرارِ الأوضاعِ الداخليةِ والخارجيةِ، أما الاستراتيجيَّة الثَّانية فتُدعى استراتيجيَّة الربح، وتهدف إلى زيادةِ الربح في ظِلّ وجود بعض الصعوباتِ المؤقتةِ مثل الركود الاقتصاديّ أو الضغوط التنافسيَّة، من خلال الحد من النفقاتِ أو زيادة الأسعارِ أو تسريح الموظفين، بينما الاستراتيجيَّة الثالثة هي استراتيجيَّة التريث أو المتابعة مع الحذر، وهي استراتيجيَّة تتخذها الشركةُ لتأجيل تطبيقِ استراتيجياتِ النمو في الوقتِ المُناسب، أو تتجه لها حين تشعر باستنزافِ مواردِها خلال مرحلة النمو.
الفكرة من كتاب النمو – الانكماش – الاستقرار : كيفية اختيار البديل الاستراتيجي لمشروعك
ظلت شركةُ Bucyrus Erie الأمريكيَّة مُسيطرةً على سوقِ الحفاراتِ الميكانيكيَّةِ، إذ كَانتْ تستحوذ على النسبةِ الكبرى من المبيعات في ظل وجود اثنتين وثلاثين شركة أخرى، ويرجع ذلك إلى تلبيةِ احتياجاتِ مقاولي حفرِ القنواتِ والمشاريعِ الكبيرة، من خلال توفيرِ حفاراتٍ ذاتِ سعةِ استيعابٍ وحمولةٍ كبيرةٍ.
كان الوضعُ مستقرًّا ولا يوجد داعٍ للتغيير، حتى أحدثتْ شركةٌ بريطانيَّةٌ ناشئةٌ تُدعى JC Bamford ثورةً عبر تطوير تقنيةٍ جديدةٍ في الحفارات، تعتمد على نظام قوةِ الدفعِ الهيدروليكي بدلًا من نظامِ الكابلات، وعلى الرغم من إدراكِ شركة Bucyrus Erie للتغيير، تمسكت بتصنيعِ الحفاراتِ التقليديةِ لمجرد أن سِعتَها تفوق سعةَ الحفاراتِ الجديدةِ، لكن بعد مرور عشر سنواتٍ، أصبحت الجرافاتُ الجديدةُ في السعةِ وقوةِ الدفع ذاتها للجرافاتِ التقليديةِ وبنسبِ أمانٍ أكبر، ليتجه عملاءُ Bucyrus Erie إلى النوعِ الجديدِ، وتخسر مكانتَها الرياديةَ.
قررت شركةُ Bucyrus Erie اختيار عدم تغيير أيّ شيء، ولم تُدرك نتيجةَ هذا القرار الخطأ إلا بعد فواتِ الأوان، ولنتجنب هذه الخسارة، نتعرف من خلال هذا الكتاب على البدائلِ الاستراتيجيةِ، وعلى كيفية اختيار البديلِ المناسبِ منها.
مؤلف كتاب النمو – الانكماش – الاستقرار : كيفية اختيار البديل الاستراتيجي لمشروعك
محمد الباز: رائد أعمال مصري ورئيس مجلس إدارة مجموعة شركات الباز، حاصل على درجة البكالوريوس في الهندسة عام ١٩٩٩ من جامعة المنصورة، وعلى درجة الماجيستير في إدارة الأعمال من معهد أستراليا لإدارة الأعمال عام ٢٠١٢، بالإضافة إلى المستوى الأول من شهادة مدير محافظ مالية معتمد لدى هيئة سوق المال من الجمعية المصرية لإدارة الاستثمار، أسس عديدًا من الشركات والمبادرات منها مبادرة “اعمل بيزنس” في عام ٢٠١٢ التي كانت نواة لإنشاء “أكاديمية اعمل بيزنس” في عام ٢٠١٧، التي تضم نخبة من المحاضرين ذوي الخبرة في مجال إدارة الأعمال لتقديم النصائح والعلم إلى أصحاب الأعمال، أطلق أيضًا سلسلة كتب “اعمل بيزنس” من تأليفه، منها:
المسار الوظيفي.
مستهدف المبيعات.
إتقان فن البيع والإقناع.
كيف تُصبح مديرًا ناجحًا ومحبوبًا؟