تعامله ﷺ مع النساء والأطفال
تعامله ﷺ مع النساء والأطفال
كان حال المرأة في الجاهلية هيّنًا، فكانت متاعًا يورث، وكانت وصمة تُدفن، فأصبحت إنسانًا مُقدَّرًا، صاحبة حق مشروع، ترث وتورَّث ولا يمنعها الزوج أن تتصرَّف بمالها، كما أن المرأة في أوروبا كانت في منزلة دنيئة لا تفضُل ما كانت عليه في الجاهلية العربية، ولكن حكم الإسلام أعطاها الحقوق كاملة ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الذي عَلَيْهِنَّ بالمعروف﴾، وأمر المسلم بإحسان معاشرتها ولو كانت مكروهة عند زوجها، فقد قال تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾.
ونرى منزلة المرأة من خلال تعامل النبي ﷺ مع زوجاته، فقد كان ﷺ يتولَّى خدمة البيت معهن، وكان يستغفر الله فيما لا يملك من التسوية بين إحداهن وسائرهن وهو ميل قلبه، وقد كان ﷺ طيب المعاملة عندما تتعرَّض الحياة الزوجية لأخطر ما يمسها من خطر وهو المساس بالوفاء كما في حادثة الإفك، وكان ﷺ في تعدِّده لزوجاته حكم بليغة، فكان لزواجه بكل واحدة سبب من المصلحة العامة أو من المروءة والنخوة.
وكان ﷺ مُخلصًا، فكان يذكر خديجة (رضي الله عنها) قائلًا: “لا واللَّه ما أبْدلَني اللَّه خيرًا منها، آمنَتْ بي إذْ كَفَر الناسُ، وصدَّقتني وكذَّبني الناسُ، وواستني في مالها إذ حرمني الناسُ، ورزقني اللّه منها أولادًا إذ حرمني أولاد النساء”.
وفي تعامله مع بناته ﷺ، ففي وصف فاطمة (رضي الله عنها) كانت تدخل البيت أشبه الناس بمشية رسول الله، وقبل وفاته اختصَّها بالحديث فأخبرها أنها أول من يلحق به فضحكت، وكان يُعامل الأطفال خير معاملة، فكان الحسن بن فاطمة قد دخل عليه فركب ظهره وهو ساجد في صلاته، فأطال السجود حتى لا يعجل نزول الصبي من على ظهره، وفي وفاة ابنه إبراهيم فاضت عيناه، فقال سَعد: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا هَذَا؟ فَقالَ: “هذهِ رحمةٌ جعلها اللهُ تعالى في قُلوبِ عباده”، وتلك هي الصلة بينه وبين قلب الإنسان.
الفكرة من كتاب عبقرية مُحمد
“عالم يتطلع إلى نبي.. وأمة تتطلع إلى نبي، ومدينة تتطلع إلى نبي، وقبيلة وبيت وأبوان أصلح ما يكونون لإنجاب ذلك النبي”.. لطالما قدمت كتب السيرة حياة الرسول ﷺ، لكن قلَّما قدمت الكُتب شخصية محمد ﷺ، كأب وزوج وقائد وصديق، وهذا ما قدَّمه الكاتب من خلال كتابه الذي بين أيدينا، فتناول حقيقة شخصية مُحمد ﷺ بشكل يُقدِّم من خلاله براهين عظمة النبي الكريم في ميزان العلم وميزان الشعور وميزان الإنسانية.
مؤلف كتاب عبقرية مُحمد
عباس محمود العقاد: أديب ومفكر مصري، ولد في أسوان عام 1889م، حصل على شهادة الابتدائية لكنه كان مولعًا بالقراءة في مختلف المجالات، منحه الرئيس المصري جمال عبد الناصر جائزة الدولة التقديرية في الآداب غير أنه رفض تسلُّمها، كما رفض الدكتوراه الفخرية من جامعة القاهرة.
أضاف إلى المكتبة العربية أكثر من مائة كتاب في مختلف المجالات، فمن مؤلفاته سلسلة العبقريات، والإنسان في القرآن، والتفكير فريضة إسلامية، وغيرها الكثير. تُوفِّيَ العقاد في القاهرة عام 1964م.