مُحمد القائد
مُحمد القائد
كان مُحمد ﷺ يُحسن من فنون الحرب ما لم يحسنه المعتدون عليه، وإنه لم يجتنب الهجوم والبدء بالقتال لعجز أو خوف مما يجهله ولا يجيده، ولكنه اجتنبه لأنه ينظر إلى الحرب أنها ضرورة يلجأ إليها حين تنغلق الطُرق الأخرى، فكان الرد على من يزعمون أن الإسلام انتشر بحد السيف أنه لا بدَّ من النظر إلى الفارق بين الإسلام وغيره في مسألة القتال.
فالإسلام في بدايته كان هو المُعتدى عليه، وظل كذلك حتى هاجر المسلمون إلى المدينة، فقاتلوا من قاتلهم لا يزيدون على ذلك مثلما وصف القرآن: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾، وكانوا يحاربون من لا يؤمن عهده ويتقي شره بالحلف والمُسالمة ﴿وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ۙ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ﴾، وإن الإسلام لا يُحارب فكرة تُجاب بالبرهان والإقناع، ولكنه يحارب سلطة تقف في طريقه وتحول بينه وبين أسماع المستعدين للإصغاء إليه، كما أن الإسلام لم يحتكم إلى السيف قط إلا في الأحوال التي أجمعت شرائع الإنسان على تحكيم السيف فيها.
فكان ﷺ نعم القائد البصير، ي أخذ بالمشورة كما فعل في غزوة بدر، فسمع مشورة الحباب بن المنذر، وفي غزوة الخندق استمع لمشورة سلمان الفارسي، وكان ﷺ لا يبدأ بالعدوان، ولكنه إذا علم بعزم الأعداء على قتاله لم يمهلهم حتى يهاجموه، وكان ﷺ عظيم الاعتماد على القوة المعنوية التي هي في الحقيقة قوة الإيمان، كما كان يُحارب قريشًا في تجارتها ويبعث السرايا، وذلك للاستطلاع ومعرفة عتاد العدو وعدده.
وكان ﷺ في وقت احتدام الحرب في طليعة رجاله، حتى قال عنه علي (رضي الله عنه): “كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ ﷺ، فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْقَوْمِ مِنْهُ”.
الفكرة من كتاب عبقرية مُحمد
“عالم يتطلع إلى نبي.. وأمة تتطلع إلى نبي، ومدينة تتطلع إلى نبي، وقبيلة وبيت وأبوان أصلح ما يكونون لإنجاب ذلك النبي”.. لطالما قدمت كتب السيرة حياة الرسول ﷺ، لكن قلَّما قدمت الكُتب شخصية محمد ﷺ، كأب وزوج وقائد وصديق، وهذا ما قدَّمه الكاتب من خلال كتابه الذي بين أيدينا، فتناول حقيقة شخصية مُحمد ﷺ بشكل يُقدِّم من خلاله براهين عظمة النبي الكريم في ميزان العلم وميزان الشعور وميزان الإنسانية.
مؤلف كتاب عبقرية مُحمد
عباس محمود العقاد: أديب ومفكر مصري، ولد في أسوان عام 1889م، حصل على شهادة الابتدائية لكنه كان مولعًا بالقراءة في مختلف المجالات، منحه الرئيس المصري جمال عبد الناصر جائزة الدولة التقديرية في الآداب غير أنه رفض تسلُّمها، كما رفض الدكتوراه الفخرية من جامعة القاهرة.
أضاف إلى المكتبة العربية أكثر من مائة كتاب في مختلف المجالات، فمن مؤلفاته سلسلة العبقريات، والإنسان في القرآن، والتفكير فريضة إسلامية، وغيرها الكثير. تُوفِّيَ العقاد في القاهرة عام 1964م.