مُحمد ﷺ نشأته
مُحمد ﷺ نشأته
كان الحال قبل مولد رسول الله ﷺ في جزيرة العرب مُختلفًا عن باقي الدول والأمم، فكانت فارس والحبشة وبيزنطة ممالك لها ما لها من القوَّة والهيمنة، إلا أنها كانت غارقة في الضلال، وكانت أُمة العرب ليست بذات دولة، ولكن كان في يدها تجارة الدول، فحينما تسير القوافل من خليج فارس إلى بحر الروم، أو من اليمن إلى الشام، وغيرها من الطرق فلا بدَّ من المرور على جزيرة العرب، وهذا ما جعلها هدفًا لمن يجاورونها للاستيلاء عليها، فهرقل الرومي وأبرهة الحبشي، وغيرهم حاولوا إخضاع مكة لحكمهم.
وقد كان أفراد من العرب وقبيلة قريش تحديدًا تميَّزوا بالتقوى والسماحة والقوَّة، وقد كان أبرزهم بيت عبد المطلب جد رسول الله ﷺ، وقد كان العاشر من أبنائه عبد الله الذي كان يتسمُ بالحنو والرحمة، وكان إنسانًا من طينة الشهداء، فمات في تجارته، وولد له طفل وهو دفين.
هكذا تتهيَّأ الظروف لاستقبال مُحمَّد ﷺ، وكأن العالم يتطلَّع إلى نبي، فقد كان عريقَ النسب، فقيرًا ليس بالغني المُترف، يتيمًا بين رحماء، خبيرًا بكل ما يختبره العرب من ضروب العيش في البادية والحاضرة، فهو خُلاصة الكفاية العربية في خير ما تكون عليه الكفاية العربية، فالذي أعدَّه له زمانه وأعدته له فطرته هو الرسالة العالمية، وكأن الدنيا كانت بحاجة إلى رسالة، فكان مُحمدًا هو صاحب تلك الرسالة.
وتظهر عبقرية مُحمد ﷺ في فصاحته، فله من اللسان العربي أفصحه، وكان مُنزَّهًا من عيوب الحروف ومخارجها، فهو صاحب كلام سليم ومنطق سليم، وكان ﷺ تجتمع له قلوب من عاشروه، فهذا زيد بن حارثة قد اختار البقاء مع مُحمد ﷺ رغم عودة والده بعد طول غياب، وحسبُنا حب الأقوياء إياه أنه جمع على محبته أناسًا بينهم من الاختلاف في المزاج والخصال ما بين أبي بكر وعمر وعثمان وخالد وأبي عبيدة، وهم جميعًا من عظماء الرجال.
وقد قضى مُحمد ﷺ شبابه وهو يؤمن بفساد الزمان وضلال الأوثان، وحين تلقَّى الوحي آمن بدعوته، فقام بها حق القيام.
الفكرة من كتاب عبقرية مُحمد
“عالم يتطلع إلى نبي.. وأمة تتطلع إلى نبي، ومدينة تتطلع إلى نبي، وقبيلة وبيت وأبوان أصلح ما يكونون لإنجاب ذلك النبي”.. لطالما قدمت كتب السيرة حياة الرسول ﷺ، لكن قلَّما قدمت الكُتب شخصية محمد ﷺ، كأب وزوج وقائد وصديق، وهذا ما قدَّمه الكاتب من خلال كتابه الذي بين أيدينا، فتناول حقيقة شخصية مُحمد ﷺ بشكل يُقدِّم من خلاله براهين عظمة النبي الكريم في ميزان العلم وميزان الشعور وميزان الإنسانية.
مؤلف كتاب عبقرية مُحمد
عباس محمود العقاد: أديب ومفكر مصري، ولد في أسوان عام 1889م، حصل على شهادة الابتدائية لكنه كان مولعًا بالقراءة في مختلف المجالات، منحه الرئيس المصري جمال عبد الناصر جائزة الدولة التقديرية في الآداب غير أنه رفض تسلُّمها، كما رفض الدكتوراه الفخرية من جامعة القاهرة.
أضاف إلى المكتبة العربية أكثر من مائة كتاب في مختلف المجالات، فمن مؤلفاته سلسلة العبقريات، والإنسان في القرآن، والتفكير فريضة إسلامية، وغيرها الكثير. تُوفِّيَ العقاد في القاهرة عام 1964م.