الحملة الفرنسية أم الأفغاني؟
الحملة الفرنسية أم الأفغاني؟
اختلفت الأطروحات حول تحديد الأسباب التي دفعت بالعالم العربي والإسلامي إلى الدخول في فترة تعددت فيها محاولات إحياء الأمة وإزالة عللها، فأعاد البعض جل الأسباب إلى قدوم الحملة الفرنسية إلى مصر أواخر القرن السابع عشر وأوائل الثامن عشر، وبسبب هذا الاحتكاك مع مركز العالم الإسلامي وقتها، وقف العلماء لأول مرة بشكل مباشر أمام الفوارق الحديثة بين الشرق والغرب، خصوصًا في المجالين العسكري والعلمي.
كان رد الفعل الأولي لهذه الصدمة هو الدهشة مما وصلت إليه المستويات الغربية في الابتكار وامتلاك أسرار الطبيعة، ثم سرعان ما تبدلت إلى الإعجاب الشديد، الذي استحال إلى شعور قاسٍ بالمرارة ورغبة في بذل الجهود لمحاولة ردم الهوة بين الجانبين، اتضحت آثار تلك الرغبة لاحقًا في حرص دولة محمد علي باشا وخلفائه من بعده على إرسال البعثات التعليمية إلى فرنسا.
أما البعض الآخر فذهب إلى أن بداية عصر النهضة كانت مع ظهور جمال الدين الأفغاني في الساحة الفكرية، ومثلت محاولاتُه الصاخبة وتنقلاته العديدة بين طهران والقاهرة والأستانة وكلماته المؤثرة في الشعوب جرسَ إنذار للتحرك والنهوض، مطالبًا بإصلاح نظم الحكم وإزالة الجهل والخرافات المسيطرة على عقول العامة، ولم يقتصر خطابه على فئة بعينها يحاورها، بل شمل وتنوع إلى مختلف الفئات والطوائف، فالحكام والأفراد والمؤسسات والعلماء وحتى المسيحيون كان لهم جزء من خطاب الأفغاني، ولهذا فقد استحق بجدارة أن يلقب برائد عصر النهضة الحديثة.
الفكرة من كتاب عصر النهضة: كيف انبثق؟ ولماذا أخفق؟
عندما نسمع مصطلح عصر النهضة، ما أول شيء يقفز إلى أذهاننا؟ أراهن أننا نتخيل الفترة التي امتدت ما بين القرنين الرابع عشر والسابع عشر في أوروبا، يرجع هذا إلى عوامل كثيرة منها سطوة الفكر الغربي على الحياة الفكرية المعاصرة، بالإضافة إلى جهلنا بالجذور الفكرية لأمتنا.
إذ إننا نمتلك أيضًا عصرًا للنهضة، حاول فيه علماء ومفكرون أجلاء بعثَ الأمة الإسلامية والعربية من مرقدها، وتنوعت إسهاماتهم في مختلف المجالات الفكرية والدعوية والاجتماعية والسياسية، فما ملامح تلك الفترة الزمنية؟ متى بدأت؟ وأين انتهت؟ ولماذا؟ ومن الذين أخذوا على عواتقهم مسؤولية محاربة الجهل والخرافات المسيطرة وقتها؟ وهل ما زالت لتلك الفترة آثار في عالمنا المعاصر؟
مؤلف كتاب عصر النهضة: كيف انبثق؟ ولماذا أخفق؟
زكي ميلاد، كاتب وباحث ومؤلف سعودي الجنسية، ولد في القطيف عام 1965م، اهتم بالفكر الإسلامي المعاصر دراسة وتأليفًا، وهو عضو في العديد من الهيئات الاستشارية الفكرية والمؤسسات المختلفة، كما أنه رأس تحرير مجلة الكلمة المهتمة بشؤون الفكر الإسلامي ببيروت، له العديد من المؤلفات، كتبًا وتراجم ورسائل منها:
محنة المثقف الديني مع العصر.
المسألة الحضارية.. كيف نبتكر مستقبلنا في عالم متغير؟
كما أنه نشر مئات المقالات في العشرات من المنابر الإعلامية في مختلف عواصم العالم العربي.