الرجل الذي تذكَّر كل شيء والرجل الذي نسي
الرجل الذي تذكَّر كل شيء والرجل الذي نسي
في أثناء بحثه قرأ جوشوا عن حالة الصحفي (س) الذي يتذكَّر كل شيء، فقد آمن أغلب علماء النفس أن ذكرياتنا كلها موجودة في الدماغ حتى وإن لم نعثر عليها، وظهرت دراسات تثبت هذا الأمر، لكن مؤخرًا قلَّ تفاؤل العلماء بشأن مثالية ذاكرتنا، وبخاصة مع إثبات أن اختفاء الذكريات ظاهرة حقيقية تحدث للخلايا، وتم نفي وجود ما يُدعَى بالذاكرة الفوتوغرافية، إذًا ما تفسير حالة الصحفي (س)؟
عانى (س) من حالة أخرى تُدعَى ظاهرة الحس المرافق، حيثُ يكون لكل صوت يسمعه لون وملمس وطعم، وكانت ذكرياته مُرتَّبة مثل الفهرس لأنه كان يتخيَّل أي شيء يريد تذكُّره من خلال توزيعه على شارع مُتخيَّل في دماغه، وإن أراد تذكُّر أي معلومة فعليه فقط السير في نفس الطريق، فاستوحى أبطال الذاكرة طريقة حفظهم من (س)، حيثُ حوَّلوا المعلومات التي يتوجَّب عليهم حفظها إلى صور ثم وزَّعوها على أماكن يعرفونها جيدًا.
وعلى صعيد آخر، قرأ جوشوا عن شخص باسم “إي بي” يعاني من أشد حالات فقدان الذاكرة المُسجلة، وذهب لزيارته، فلا يُكوِّن إي بي ذكريات جديدة ولا يتذكَّر ذكرياته القديمة، فإن إي بي فقد كلا النوعين من الذكريات، ذكريات صريحة نعرف أننا نتذكَّرها، وذكريات غير صريحة نعرفها دون وعي منا.
ولكن العجيب عندما سار إي بي مع جوشوا في طريق ما اتخذ المسار الأيمن لأنه كان يتخذه يوميًّا على مدار سنوات، وبالتالي انطبع في لاوعيه مع أنه لا يعلم سبب اختياره، وعلى الرغم من أن هوياتنا تعتمد على ذاكرتنا فإن روح وشخصية إي بي ظلت موجودة!
الفكرة من كتاب رقصة القمر مع آينشتاين: فن وعلم تذكُّر كل شيء
يسرد هذا الكتاب رحلة شخصية للصحفي جوشوا فوير، وقد بدأت بفضول حول أبطال الذاكرة، وانتهت بفوزه ببطولة الولايات المتحدة الأمريكية للذاكرة عام 2006؛ هذه ليست حكاية لبطل خارق أو عبقري مكبوت، وإنما حكاية شخص عادي ذي ذاكرة متوسطة، تمرَّن وقرأ وبحث لمدة عام واحد حتى حقَّق ما حقَّقه، وهو يدعونا للتعلُّم من رحلته وفك شيفرات ذاكرتنا.
مؤلف كتاب رقصة القمر مع آينشتاين: فن وعلم تذكُّر كل شيء
جوشوا فوير : صحفي وكاتب مستقل أمريكي، ولديه اهتمام كبير بالعلوم، وفاز ببطولة ذاكرة الولايات المتحدة لعام 2006.
من أعماله: Atlas Obscura: An Explorer’s Guide to the World’s Hidden Wonders.
معلومات عن المترجم:
محمد الضبع: مُترجم وشاعر سعودي من أصل يمني، ولد عام 1991 في جدة، وأنجز الكثير من الترجمات في مدونته “معطف فوق سرير العالم”.
من ترجماته: “كتاب الراحة”، و”سنة القراءة الخطرة”.