الانحرافات
الانحرافات
قد ينحرف الفرد في العمل فيجني عداوات شخصية، فإذا كان في النفس اعوجاج يسبِّب هذه العدوات ينبغي تقويمه، كتقويم اللسان لكبحه عن تناقل الأخبار لغرض سيئ، وعند الاختلاف في الرأي لا بد من التأنِّي والحلم واحترام الطرف الآخر، وبما إن بيئة العمل مُكوَّنة من أفراد، قد يمتلك البعض طبائع سيئة، يجب ضبط النفس وعدم الانجراف وراء المشاكل، فالعمل عبارة عن حلقة متصلة من المهام يكون نتاجها سلعة ذات جودة عالية، لكن للأسف إذا تحوَّلت بيئة العمل إلى حلبة صراع وغاب التعاون، تضعف هذه الحلقة حتى تتلاشى.
ومن الانحرافات الأخرى التي نقع فيها هي فخ المجاملات، فلا ينبغي أن نكذب على أنفسنا حتى لا نصنع ثقة مزيفة، بل ننظر إلى الحقائق من أجل التطوير، وعلينا أن نتجنَّب المبالغة في مدح الآخرين من أجل مصالح شخصية، وألا نصف السيئ بأنه جيد، وهذا لا يعني أن نطرح رأينا بوقاحة، بل يكون الرد يحمل الصدق ويخلو من أي كلمات جارحة، وعلينا أن نتجنَّب استخدام الأعذار لتبرير التقصير والتسويف، فالأعذار بمرور الوقت تُضعِف المهارات، لذا لا بد أن نتعلَّم أن نترفَّع عن استخدام المُبررات ونعترف بالعجز والتقصير.
وفي حالة ارتكاب الأخطاء لا بد من تحمل المسؤولية، بدلًا من التستُّر ليقع آخرون ضحايا لتلك الأخطاء، وحينها نتجرَّد من صحوة الضمير، فلنتعلَّم أن نحِقَّ الحق ولو على أنفسنا، فلا نخشى اللوم القاسي أو فقدان المهنة، ولكن نخشى أن نخالف ما عاهدنا الله عليه، وأن يجرنا الخطأ إلى أخطاء أخرى، فإيثار الصدق يزيد من محصول الثقة بيننا وبين من حولنا، وفي حالة التحرِّي عن الألاعيب نجد من يدافع عنا بكثرة، فنكون محط صدق وأمانة وانضباط، لأننا نمتلك مواطن الرقابة الذاتية فنُزيل من عقولنا وروحنا مغريات السوء خشيةً وحبًّا وطمعًا بكرم الله، فيتشكَّل مبدأ الرقابة في طابع أخلاقي للتعبُّد، ونضع عقوبات إذا انحرفنا عن الهدف، ويكون لكل نوع ومستوى من الانحراف مسار عقوبات.
الفكرة من كتاب خريطة الإدراك: منهجية الحياة المهنية في قدراتك العملية
قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾.
لقد كرَّم الله (عز وجل) الإنسان على سائر خلقه، ووهبه ميزة الوعي والإدراك وحُسن الاختيار، وجعله عنصرًا مهمًّا بإعمار الأرض، لذا وجب عدم تقديم أمر آخر على الأولوية البشرية، لأن تقديم الأمور الأخرى يؤدي إلى الإهمال والتقصير والوقوع في الأخطاء، وفي النهاية يقع الإنسان ذاته ضحية نتيجة هذا الإفراط، والمراد من ذلك هو إدراك مدى أهمية التمسك بالقيم والأخلاقيات، ولهذا السبب يُقدم لنا هذا الكتاب بعض المفاهيم للوقاية من التقصير والفساد، مع بعض الحلول لتعزيز القواعد الإيجابية وإحياء الضمير والمحافظة على القيم الأخلاقية.
مؤلف كتاب خريطة الإدراك: منهجية الحياة المهنية في قدراتك العملية
هاجر علي عقيلي: مُدرِّبة تطوير لديها خبرة في الكتابة الإبداعية وتوليد الأفكار بطريقة مُتجدِّدة ومُختلفة عن الأنماط الاعتيادية، حصلت على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة الملك عبدالعزيز عام ٢٠١٧، وصدر لها كتابان إلى جانب كتاب “خريطة الإدراك”، وهما:
شفرة الوعي: منهجية العيش في قدراتك الباهرة.
المرحلة المخملية.