المرحلة الأولى
المرحلة الأولى
وبين ثنايا هذه التجارب لن نحيي ما فقدناه من قيم وعادات إيجابية فقط، بل سنكتشف أيضًا ميولًا وهواياتٍ لم ندركها من قبل، لنستخدمها بعد ذلك كأدوات للاستثمار، لنقوم بتحديد مكان العمل والمهنة المناسبة والقدرات، فلا بد أن تتناسب المهنة مع ميولنا وقدراتنا وتتوافق مع شخصيتنا حتى لا تحيط بنا حالة من الركود والملل، بسبب إيثار اتباع رغبات وتوجيهات الآخرين، لتجنُّب التعليقات المُحبِطة أو الخوف من التغيير أو عدم الصبر على التعلم.
لكن ما المشكلة إذا وجدنا أننا لا نمتلك شغفًا تجاه المهنة أن نتوقف في منتصف الطريق ونُعيد حساباتنا لنرى هل كم الجهد المبذول يستحق ما سنصل إليه؟ أم يجب العودة إلى موازنة الأهداف بطريقة مختلفة؟ وإذا اخترنا تغيير مسار العمل فعلينا أن نُدرك أن الأمر لن يكون سهلًا، سيحيط بنا الغموض بسبب جهلنا ولن نحقِّق نجاحًا باهرًا إلا بعد مرور وقت طويل، بل سوف نواجه بعض العراقيل، لذا من المهم ألا ندعي في هذه المرحلة معرفة ما لا نعرفه، بل نعترف بما نجهله لنتعلم، ونحافظ على الرقيِّ بتجنُّب نقل الأخبار لإثارة الفوضى، أو الإفصاح عن السرائر أو الشكوى للفت الانتباه.
علينا أيضًا أن نتسلَّح بالإيمان، ونؤمن أن بعد العسر يسرًا، وأن الله (عز وجل) قدَّر حدوث ما جاهدنا واجتهدنا في تحقيقه مهما بدا مُستحيلًا، فكل إنسان قُدِر له رزقه، ولكن الحلم الذي نسعى إليه كالثمار يحتاج إلى وقت ومراحل، لذا لا بد أن نكتسب المرونة لتخطِّي الأحداث الصعبة، والاجتهاد الذي لا يملكه إلا أصحاب النبوغ العقلي، فلا أحد يُجبرنا على السعي سوى أنفسنا، ولتحقيق مصالحنا الشخصية نُدرك أن الجهد والعطاء في علاقة طردية، فمن تعلَّم رفع عن نفسه الجهل، ومن اجتهد في عمله أصبح خبيرًا، حتى من تعرقل أصبح صاحب مُحتوى مُلهِم، وليس كل جهد نبذله هو جهد سعي، فالامتناع عن بعض التصرُّفات يحتاج جهدًا كالامتناع عن التهاون وبعض الانحرافات التي تبدأ بالنية القلبية وتنتهي بالفعل .
الفكرة من كتاب خريطة الإدراك: منهجية الحياة المهنية في قدراتك العملية
قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾.
لقد كرَّم الله (عز وجل) الإنسان على سائر خلقه، ووهبه ميزة الوعي والإدراك وحُسن الاختيار، وجعله عنصرًا مهمًّا بإعمار الأرض، لذا وجب عدم تقديم أمر آخر على الأولوية البشرية، لأن تقديم الأمور الأخرى يؤدي إلى الإهمال والتقصير والوقوع في الأخطاء، وفي النهاية يقع الإنسان ذاته ضحية نتيجة هذا الإفراط، والمراد من ذلك هو إدراك مدى أهمية التمسك بالقيم والأخلاقيات، ولهذا السبب يُقدم لنا هذا الكتاب بعض المفاهيم للوقاية من التقصير والفساد، مع بعض الحلول لتعزيز القواعد الإيجابية وإحياء الضمير والمحافظة على القيم الأخلاقية.
مؤلف كتاب خريطة الإدراك: منهجية الحياة المهنية في قدراتك العملية
هاجر علي عقيلي: مُدرِّبة تطوير لديها خبرة في الكتابة الإبداعية وتوليد الأفكار بطريقة مُتجدِّدة ومُختلفة عن الأنماط الاعتيادية، حصلت على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة الملك عبدالعزيز عام ٢٠١٧، وصدر لها كتابان إلى جانب كتاب “خريطة الإدراك”، وهما:
شفرة الوعي: منهجية العيش في قدراتك الباهرة.
المرحلة المخملية.