الحياة أم الموت
الحياة أم الموت
تخيل أنك تعرضت في يوم من الأيام لموقف خطير وضع حياتك على المحك، ماذا ستختار حينها؟ هل ستواجه الخطر وتتمسك بالحياة أم تستسلم للموت؟
ربما لن نعرف الإجابة بالضبط الإ إذا وُضِعنا في الموقف، ولكن دعنا نتأمل تجارب هؤلاء المغامرين الذين نجوا واختاروا البقاء على قيد الحياة ليقصوها علينا.
مثل ستیفن كالاهان ذي الثلاثين عامًا الذي صمد سبعة وستين يومًا بعرض البحر، حيث انقلب مركبه على بعد ثمانمئة ميل غربي جزر الكناري بسبب هبوب عاصفة هوجاء، معتمدًا على تخزين مياه الأمطار، وأكل حيوان بحري قشري یلتصق عادة بجوانب السفن والصخور وتجتذب بقایاه الطیور، ولعب اليوجا للحفاظ على سلامة قواه العقلیة، حتى جرفه التيار ووُجِد عند شواطئ غوادالوب، فأصبح ستیفن كالاهان من القلائل الذین تمكنوا من الاستمرار بمفردهم في عرض البحر لأكثر من شهر، ربما يرجع ذلك لكونه بحارًا متمرسًا في الأساس، ولكنه رجح أن سبب نجاته هو اختياره العيش!
ماذا عن اختيار الموت أو الحياة نيابةً عن أحدهم؟
هناك طفلة تُدعى جولي ولدت قبل موعدها وبوزن أقل من الطبيعي وتعاني من نزیف دماغي، نقلت إلى العناية المركزة ووصلت بآلة التنفس الصناعي.
بعد مضي ثلاثة أسابیع على متابعتها للعلاج، لم يطرأ أي تحسن على وضعها الصحي العام، ووضع الأطباء الآباء في ثلاثة سيناريوهات، أولها أنهم اتخذوا الخيار الطبي الأمثل ونزعوا عنها جهاز التنفس دون إخبار والديها والاكتفاء بنقل خبر وفاتها، أما في السيناريو الثاني عرض الأطباء على الوالدين نوعین من الحلول بين نزع جهاز التنفس عن طفلتهما مما سيجعلها تموت على الفور أو تركها على الجهاز، وفي هذه الحالة إما أنها ستموت بعد بضعة أيام وإما ستكمل حياتها في عجز تام عن المشي والتحدث والتفاعل مع الآخرين، وهنا قرر الأطباء تبعًا للوضع الصحي الحرج نزع الجهاز لمصلحتها.
وأخيرًا السيناريو الثالث وهو مثل الثاني تمامًا مع اختلاف أن الأطباء تركوا القرار للوالدين وحدهما.
في الدراسات التالية التي أقيمت بجامعة كولومبيا وأجريت على مشاركين تصرفوا كأهل جولي وقاموا على هذا الأساس بملء الاستمارات المقدمة إليهم، فكانت النتيجة أن الذين تعرضوا للسيناريو الثاني سهَّل عليهم توضيح الأطباء لقرارهم تقبل الوضع، فجعلهم واثقين بأنه الحل الأمثل، وخفض عليهم الضغط، وكانت مشاعرهم أفضل ممن كانوا في السيناريو الثالث ووافقوا على نزع الجهاز، فأصيبوا بالاكتئاب والحسرة والشعور بالذنب، وكان وضع الذين بالسيناريو الأول أفضل من الجميع.
الفكرة من كتاب فن الانتقاء
تقوم حياتنا على العديد من الخيارات وفي كل لحظة بها، بدايةً من: متى سنستيقظ؟ أو ماذا سنرتدي؟ أو ماذا يجب علينا شراؤه؟ وبمن سنتزوج؟ وغيرها من المواقف التي ربما يكون الاختيار فيها أمرًا مصيريًّا.
إذًا، كيف نختار؟ وما العوامل المؤثرة باختياراتنا؟ وكيف تؤثر الخيارات فينا؟ وهل كثرة الخيارات تساعدنا على اتخاذ الخيار الصحيح؟ قدمت الكاتبة إجابات لتلك الأسئلة بناءً على دراسات في علم النفس وعلم الاجتماع وغيرهما.
مؤلف كتاب فن الانتقاء
شيينا إينغار : أستاذة إدارة الأعمال في جامعة كولومبيا الأمريكية، وحصلت على درجة البكالوريوس من كلية وارتون للأعمال، ودكتوراه في علم النفس الاجتماعي من جامعة ستانفورد.
ترتكز أبحاثها على العديد من جوانب صنع القرار، وقدمت محاضرات في TED حول الاختيار.
وهي من أصول هندية تنتمي للمعتقد السيخي المتشدد في تقاليده وتعاليمه، وأصيبت بالعمى في صغرها نتيجة مرض نادر بالشبكة الصباغية.
من مؤلفاتها:
Think Bigger: How to Innovate.
معلومات عن المُترجمة:
مايا أرسلان: ترجمت رواية “عالم يفصل بيننا”.