خدعة الاختيارات
خدعة الاختيارات
هل نتمتع حقًّا بوفرة من الخيارات في عالمنا المعاصر؟ سنجيب عن هذا السؤال من خلال الدراسة الآتية التي قامت بها الكاتبة بأوروبا الشرقية، وقدمت للمشاركين سبعة أصناف من المشروبات الغازیة التي نطلق علیها اسم الصودا مثل: الكوك، الدایت كوك، والبيبسي والسبرایت…، وكان رد أول مشارك -الذي أدهش الكاتبة- أن مسألة الاختيار لا تهمه لأن كل المشروبات الغازية لا تتعدى خيارًا واحدًا! ووافقه الرأي باقي المشاركين.
وذلك يوضح لنا أن الفروق بين الاختيارات قد تبدو سطحية جدًّا، وتنحصر في أمور طفيفة.
والآن مع السؤال الثاني، هل كلما ازدادت الاختيارات اقتربنا للاختيار الصواب أكثر؟ سنعرف الإجابة من خلال دراسة حول أنواع المُربى، بمتجر في سان فرانسيسكو يحوي العديد من المنتجات بأنواعها المختلفة، اقترحت الكاتبة على صاحب المتجر أن يضع كشكًا للتذوق قرب المدخل، تارة تعرض به مجموعة واسعة من النكهات من 24 إلى 28 نكهة، وتارة أخرى يتم عرض ست نكهات فقط، وتمت مراقبة سلوك المستهلكين في كلا الحالتين، وأسفرت النتيجة عن الآتي: كان معدل المستهلكين الذين توقفوا لتجربة المربى عند الكشك الذي يضم تشكيلة واسعة ستين بالمئة، والأربعون بالمئة المتبقية للكشك صاحب التشكيلة الأصغر، أما بالنسبة إلى معدل شراء عُلب المربى، كانت تشكيلة علب المربى الأصغر ستة أضعاف التشكيلة الأخرى!
وتفسير ذلك يرجع إلى ظن المستهلكين أنه كلما اتّسع هامش الخيارات أمامهم، كان الأمر أفضل وأكثر جاذبية، بينما في حالة عدد الاختيارات المحدود استطاعوا تحدید اختيارهم، وإتمام عملية الشراء.
ومن خلال بعض الدراسات تبين أن الناس عادةً يرتكبون أخطاء إدراكية عند التمييز بين أكثر من خمس إلى تسع مسائل، ويفقدون القدرة على التمييز إن فاق عدد المسائل تسعًا.
والآن وصلنا إلى السؤال الثالث، هل كلما ازدادت الخيارات أصبحنا نتمتع بحرية أكبر؟
في بداية الأمر حرية الاختيار تطوي بداخلها بعض المطالب، وربما لا نكون أحرارًا حقًّا، بل إن حرية الاختيار قد فرضت علينا اتباعًا لسياسة الديموقراطية.
أما بالنسبة إلى الخيارات الكثيرة فهي تجعل عملية الاختيار مُربكة وتمثل عبئًا على صاحبها،وتزيد من شعوره بالندم، بسبب الإحساس بخسارة أحد الخيارات أو التضيحة به، وذلك الإحساس قد يفوق بمراحل إحساس الفرحة بما اخترنا اقتناءه، ولذلك علينا تقليل بعض من خياراتنا.
الفكرة من كتاب فن الانتقاء
تقوم حياتنا على العديد من الخيارات وفي كل لحظة بها، بدايةً من: متى سنستيقظ؟ أو ماذا سنرتدي؟ أو ماذا يجب علينا شراؤه؟ وبمن سنتزوج؟ وغيرها من المواقف التي ربما يكون الاختيار فيها أمرًا مصيريًّا.
إذًا، كيف نختار؟ وما العوامل المؤثرة باختياراتنا؟ وكيف تؤثر الخيارات فينا؟ وهل كثرة الخيارات تساعدنا على اتخاذ الخيار الصحيح؟ قدمت الكاتبة إجابات لتلك الأسئلة بناءً على دراسات في علم النفس وعلم الاجتماع وغيرهما.
مؤلف كتاب فن الانتقاء
شيينا إينغار : أستاذة إدارة الأعمال في جامعة كولومبيا الأمريكية، وحصلت على درجة البكالوريوس من كلية وارتون للأعمال، ودكتوراه في علم النفس الاجتماعي من جامعة ستانفورد.
ترتكز أبحاثها على العديد من جوانب صنع القرار، وقدمت محاضرات في TED حول الاختيار.
وهي من أصول هندية تنتمي للمعتقد السيخي المتشدد في تقاليده وتعاليمه، وأصيبت بالعمى في صغرها نتيجة مرض نادر بالشبكة الصباغية.
من مؤلفاتها:
Think Bigger: How to Innovate.
معلومات عن المُترجمة:
مايا أرسلان: ترجمت رواية “عالم يفصل بيننا”.