تأثير النوازع النفسية في المناخ الاجتماعي
تأثير النوازع النفسية في المناخ الاجتماعي
إن الدوافع النفسية لأفراد المجتمع لها تأثير كبير في مجريات الأحداث وتشكيل سياسات الدول الداخلية والخارجية، خصوصًا إذا تعلق الأمر بحاكم الدولة، فهنا مثلًا يرى الكاتب أن النوازع النفسية للسادات أثرت بشكل كبير في السياسة العامة للدولة وعلاقاتها مع الدول الأجنبية، فعلى الرغم من تظاهره الدائم بالفخر بتراثه ونشأته القروية، فإن إعجابه بحداثة الحياة الغربية ورخائها أثّر بشدة في سياسة الانفتاح الاقتصادي التي أراد منها تحويل مصر إلى نسخة غربية، وقد امتد هذا التأثير الخطير حتى وصل إلى تساهله مع المستثمرين الأجانب وتملقه لشخصيات مرموقة وثرية، وتسهيل مصالحهم على حساب الصالح العام للدولة، كتساهله مع أخيه عصمت السادات رغم تكرار مخالفته للقوانين،
ووصفه الدول العربية بالتخلف بالمقارنة بالغرب المتحضر. وعندما نتطرق إلى النوازع النفسية للمواطن نجد أيضًا أن لها أكبر تأثير في المناخ الاجتماعي السائد، الذي يؤثر بدوره في اقتصاد الدولة وسياستها، لذلك فإن الدعوات التي تحث المسؤولين على أن يكونوا قدوة حسنة لإصلاح المجتمع لن تثمر في مناخ اجتماعي تسوده نوازع نفسية فاسدة، وسلوكيات عنيفة ناتجة عن شعور المواطن باليأس والعوز، كالرشاوى والتسيب وأخذ الحقوق عنوة، فيجب على الدولة أولًا تحسين أحوال المعيشة وإحكام تنفيذ القانون لتقويم تلك النوازع وإصلاح المناخ الاجتماعي،
وعلى النقيض، يتحدث الكاتب عن الخصائص الشخصية الحسنة للمصريين، فعلى الرغم من الظلم وصعوبة المعيشة التى عانى منها المواطن المصري منذ قرون، فقد ظل متمسكًا بتسامحه وصبره واجتهاده وانتمائه لوطنه مصر والوطن العربي كله. تشهد على ذلك بصمة المصري المطبوعة في كل بلد عربي، كسوريا واليمن ودول الخليج العربي، سواء أكان مدرسًا أم طبيبًا أم مهندسًا أم جنديًّا، كالعشرين ألف جندي مصري الذين استشهدوا دفاعًا عن ثورة اليمن ودُفنوا بأرضها.
الفكرة من كتاب الاقتصاد والسياسة والمجتمع في عصر الانفتاح
إذا رمزنا إلى الدولة بمثلث ذي أضلع ثلاثة، فإن هذه الأضلع ستكون السياسة والاقتصاد والمجتمع، وكل ضلع يؤثر في الضلع الآخر، ولأن السياسة هى المحرك الأساسي فإنها تؤثر في الاقتصاد الذي يمتد تأثيره في المجتمع، لذلك يتطلب صنع السياسات الاقتصادية سياسيين ذوي رؤية مستقبلية ومبدأ ينير لهم طريق الإصلاح، فإذا صلحت السياسة العامة للدولة صلح الاقتصاد، ومن ثم يسود مناخ اجتماعي مستقر وهانئ.
هنا يأتي دور الكتاب في مناقشة وتحليل السياسة العامة في عصر الانفتاح وتأثيرها في الاقتصاد والمجتمع، وهل كانت السياسات الاقتصادية في ذلك الوقت ناجحة أم فاشلة؟ وكيف كان تأثير الانفتاح في هيكل المجتمع المصري؟ كل هذه التساؤلات وأكثر سنجيب عنها هنا في هذا الكتاب.
مؤلف كتاب الاقتصاد والسياسة والمجتمع في عصر الانفتاح
جلال أمين: هو عالم اقتصاد وأكاديمي وكاتب مصري، ولد عام 1935، تخرج في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1955، ثم حصل على الماجستير والدكتوراه من جامعة لندن. شغل منصب أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق بجامعة عين شمس عام 1965، ثم عمل مستشارًا اقتصاديًّا للصندوق الكويتي للتنمية عام 1978، كما عمل أستاذًا زائرًا للاقتصاد في جامعة كاليفورنيا وأستاذًا للاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وتوفي عام 2018.
من أشهر مؤلفاته: “ماذا حدث للمصريين؟” “كتب لها تاريخ”، “المثقفون العرب وإسرائيل”، و”قصة الاقتصاد المصري”.