السياسة العامة في مصر وصنع السياسات الاقتصادية
السياسة العامة في مصر وصنع السياسات الاقتصادية
إن كثيرًا من المسؤولين في مصر يصرون على أن الأزمة الاقتصادية مشكلة فنية يكمن حلها في حل معادلات حسابية ووضع خطط تنموية، على الرغم من تأكيد اقتصاديين دوليين على أن تلك الأزمة سياسية محضة، يكمن حلها في تغيير السياسات الاقتصادية أولًا، ثم يأتي دور وضع الخطط، ولكن المشكلة الأساسية هنا أن من يتحكمون في صنع السياسات الاقتصادية لأى دولة هم أصحاب النفوذ ورجال الأعمال، الذين تصطدم مصالحهم دومًا مع الصالح العام للدولة فنجدهم يحاربون أي تغيير في تلك السياسات.
ويرى الكاتب أن تضخم الأزمة الاقتصادية كان بسبب تعيين مسؤولين لا يملكون أية رؤية سياسية وينفذون خططًا متعارضة مع الصالح العام؛ بحجة أنها قرارات لسلطات الدولة العليا. ومن مظاهر ذلك “الخطة الخمسية للتنمية سنة ١٩٨٢” وإنجازاتها الوهمية، والتستر على التقصير والفشل عن طريق التلاعب بالنسب المذكورة في تقارير الإنجازات، فالنمو المزعوم تحقيقه في قطاعي الصناعة والزراعة كان طفيفًا كما كان مصحوبًا بفشل في قطاع البترول، كذلك فشلت الخطة في تصحيح الهيكل الإنتاجي للاقتصاد، الذي ظل يعتمد على قطاع الخدمات بدلًا من القطاعات السلعية خلال السبعينيات، وبدلًا من السعي إلى زيادة حجم العمالة ركزت على إعادة توزيعها لصالح القطاعات الإنتاجية وهو ما فشلت فيه أيضًا.
أما بالنسبة إلى أزمة التهرب الضريبي، فبدلًا من إجبار المتهربين على دفع المتأخرات باستخدام قوة القانون، تصالحت الحكومة معهم ولم يتم السداد، أما عن ترشيد الإنفاق الحكومى فالنجاح الوحيد الذي حققته كان بتخفيض دعم السلع الأساسية، مما أدى إلى زيادة العبء على محدودي الدخل بدلًا من التخفيف عنهم. إن الحل الوحيد لهذه الأزمة يبدأ من تحرير الإرادة السياسية والاقتصادية للدولة، والاعتماد على متخصصين ذوي رؤية سياسية واقتصادية، وتوفير مناخ سياسي لهم يحثهم على الإصلاح.
الفكرة من كتاب الاقتصاد والسياسة والمجتمع في عصر الانفتاح
إذا رمزنا إلى الدولة بمثلث ذي أضلع ثلاثة، فإن هذه الأضلع ستكون السياسة والاقتصاد والمجتمع، وكل ضلع يؤثر في الضلع الآخر، ولأن السياسة هى المحرك الأساسي فإنها تؤثر في الاقتصاد الذي يمتد تأثيره في المجتمع، لذلك يتطلب صنع السياسات الاقتصادية سياسيين ذوي رؤية مستقبلية ومبدأ ينير لهم طريق الإصلاح، فإذا صلحت السياسة العامة للدولة صلح الاقتصاد، ومن ثم يسود مناخ اجتماعي مستقر وهانئ.
هنا يأتي دور الكتاب في مناقشة وتحليل السياسة العامة في عصر الانفتاح وتأثيرها في الاقتصاد والمجتمع، وهل كانت السياسات الاقتصادية في ذلك الوقت ناجحة أم فاشلة؟ وكيف كان تأثير الانفتاح في هيكل المجتمع المصري؟ كل هذه التساؤلات وأكثر سنجيب عنها هنا في هذا الكتاب.
مؤلف كتاب الاقتصاد والسياسة والمجتمع في عصر الانفتاح
جلال أمين: هو عالم اقتصاد وأكاديمي وكاتب مصري، ولد عام 1935، تخرج في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1955، ثم حصل على الماجستير والدكتوراه من جامعة لندن. شغل منصب أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق بجامعة عين شمس عام 1965، ثم عمل مستشارًا اقتصاديًّا للصندوق الكويتي للتنمية عام 1978، كما عمل أستاذًا زائرًا للاقتصاد في جامعة كاليفورنيا وأستاذًا للاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وتوفي عام 2018.
من أشهر مؤلفاته: “ماذا حدث للمصريين؟” “كتب لها تاريخ”، “المثقفون العرب وإسرائيل”، و”قصة الاقتصاد المصري”.