استدامة الرؤية
استدامة الرؤية
أُصيب أوليفر ساكس بورم خلف شبكية عينه اليمنى، وقرَّر طبيبه استخدام الإشعاع لعلاجه، واستغرق الأمر ثلاثة أسابيع لتشكيل اللوحة المشعَّة وتصميمها لتركيز الإشعاع بدقة على الورم، ستقوم العملية على مرحلتين: مرحلة تثبيت اللوحة بجانب العين، ما يؤدي إلى فصل إحدى عضلاتها، والمرحلة الثانية تتم فيها إزالة اللوحة وتوصيل العضلات، مع احتمالية الاستعانة بالليزر لاحقًا لقتل أي خلايا خبيثة، خصوصًا أن الورم كان في موقع سيئ.
خضع أوليفر للجراحة الأولى يوم 9 يناير 2006، وفي يوم 12 يناير 2006 أجرى الجراحة الثانية وطمأنه الدكتور أن عليه ألا يقلق إذا أُصيب برؤية مزدوجة في البداية، وحدث ذلك بالفعل، فكان كل شيء في العين اليمنى غائمًا، وقيل له إن هذه تأثيرات من وذمة أسفل الشبكية، وأنها ستُشفى في بضعة أيام، وفي شهر مارس أكمل الدكتور علاجه الإشعاعي بالليزر، وبدأت الوذمة تنحصر، وبدأت الرؤية في عينه اليمنى تستقر.
وفي مايو قابله الدكتور وأبلغه أن الوذمة اختفت، وأن الورم بدأ يتقلَّص، لكن في يوليو عام 2006 عادت مشاكل الإبصار وتجدَّد نمو الورم، وقاموا بعملية ليزر أخرى لكنها لم تؤثِّر، وازدادت التشوُّهات في العين، وقرَّروا الترتيب لعملية ليزر ثالثة لتنهي ما تبقَّى من الورم، لكنها أنهت ما لدى العين من رؤية مركزية، وهكذا أصبحت الرؤية المجسمة منقوصة في النصف العلوي من مجال البصر.
لم يستطع أوليفر التأقلم مع فقدان الرؤية التجسيمية في البداية على عكس من عاشوا هكذا دائمًا مثل حالة سو السابقة، لكن بعد عامين أصبح أكثر تكيُّفًا معها، حتى شعر في أحد الأيام بغشاوة على عينه اليمنى وذهب إلى الدكتور، وهناك اكتشف نزيفًا في الشبكية جعله يفقد الرؤية المحيطية المتبقية لعينه اليمنى، وللأسف لم يستطِع التكيُّف مع فقدان نصفه البصري.
الفكرة من كتاب عين العقل
يسرد طبيب الأعصاب أوليفر ساكس عددًا من الحالات الطبية المثيرة للاهتمام التي مرَّت عليه، ويشتركون جميعًا في الإصابة بأمراض عصبية مختلفة أثَّرت في قدرتهم على رؤية وإدراك العالم من حولهم، ويسلِّط الطبيب الضوء على كيفية تكيُّف كل شخص مع حالته ودور العقل البشري في إيجاد طرق مبتكرة ليساعد صاحبه على التعامل مع عالمه المتغير.
مؤلف كتاب عين العقل
أوليفر ساكس: طبيب أعصاب بريطاني، وكاتب، قضى حياته المهنية في الولايات المتحدة الأمريكية، وحاز رتبة القائد في رتب الإمبراطورية البريطانية، وكان عضوًا في جمعية الكلية الملكية للأطباء في بريطانيا.
من أعماله: “الرجل الذي حسب زوجته قبعة”، و”أريد ساقًا أقف عليها”.
معلومات عن المترجمة:
ياسمين العربي: مُترجمة تخرجت في كلية الدراسات الإنسانية، قسم اللغة الإنجليزية وآدابها والترجمة الفورية، بجامعة الأزهر، عام ٢٠٠٩، وتعمل حاليًّا في مؤسسة هنداوي في وظيفة مترجم أول.
من ترجماته: “هدنة لالتقاط الأنفاس”، و”قانون رجال العدالة الأربعة”.