سو ذات الرؤية المجسَّمة
سو ذات الرؤية المجسَّمة
كان معروفًا من القرن الثاني أن كل عين تستقبل صورة مختلفة قليلًا عن العين الأخرى، لكن لم تُقدَّر أهمية هذا الاكتشاف إلا في القرن التاسع عشر، عندما اكتشف العالم تشارلز ويتستون أن هذا التفاوت بين العينين مهم لتوليد إحساس بالعمق، وأثبت ذلك بتصميم أزواج من الرسومات لجسم صلب كما يُرى من منظور كل عين، ثم صمَّم أداة أسماها المنظار المجسم ينظر خلالها الشخص وتندمج الرسمتان في صورة واحدة ثلاثية الأبعاد، أثار هذا الاكتشاف الفضول لأن فهم طبيعة عمله سيساعد على فهم طبيعة الإدراك البصري.
في ديسمبر ٢٠٠٤ تلقَّى أوليفر رسالة من امرأة يعرفها تُدعَى سو باري، تخبره أنها الآن وأخيرًا تتمتَّع بالرؤية التجسيمية، وقد فاق الأمر كل تخيُّلاتها، عاشت سو مع الحوَل طوال حياتها ولم تُدرك أنها تفتقد الرؤية المجسَّمة حتى أصبحت في الكلية ودرستها، فاتجهت إلى الأطباء للبحث عن علاج لكن أبلغوها أن الأوان قد فات، ومع ازدياد مشاكلها البصرية مع السن قرَّرت الحصول على عدسات متعددة البؤر.
وذهبت إلى الدكتورة تيريزا روجيرو التي اكتشفت أن عينيها تتسمان بعدم التوازن، وأن رؤيتها أصبحت تضعف، فحصلت سو على نظارة جديدة وبدأت في جلسات علاج الرؤية التي حاولت فيها لأول مرة دمج صورتين بواسطة نظارة تعرض صورة مختلفة لكل عين، واستمرت سو في الجلسات حتى بدأت الرؤية لديها تختلف وتتجسم.
بدت حالة سو مُحيِّرة لأن كل المعلومات والأبحاث الموجودة تقول إن تحقيق الرؤية التجسيمية لدى البالغين أمر مستحيل، لكن سو عملت بكل جهدها على تمارين الدمج الشاقة حتى حققتها، ويُظهر هذا أن دماغ البالغين لديها لدونة كافية لإعادة تنشيط الخلايا الخاصة بالرؤية المجسمة، كما وجد أوليفر الكثير من الحالات المشابهة لسو على الإنترنت، وأوحت تجاربهم أن هناك دائمًا فرصة جيدة لإعادة تنشيط وظائف القشرة البصرية الخاملة.
الفكرة من كتاب عين العقل
يسرد طبيب الأعصاب أوليفر ساكس عددًا من الحالات الطبية المثيرة للاهتمام التي مرَّت عليه، ويشتركون جميعًا في الإصابة بأمراض عصبية مختلفة أثَّرت في قدرتهم على رؤية وإدراك العالم من حولهم، ويسلِّط الطبيب الضوء على كيفية تكيُّف كل شخص مع حالته ودور العقل البشري في إيجاد طرق مبتكرة ليساعد صاحبه على التعامل مع عالمه المتغير.
مؤلف كتاب عين العقل
أوليفر ساكس: طبيب أعصاب بريطاني، وكاتب، قضى حياته المهنية في الولايات المتحدة الأمريكية، وحاز رتبة القائد في رتب الإمبراطورية البريطانية، وكان عضوًا في جمعية الكلية الملكية للأطباء في بريطانيا.
من أعماله: “الرجل الذي حسب زوجته قبعة”، و”أريد ساقًا أقف عليها”.
معلومات عن المترجمة:
ياسمين العربي: مُترجمة تخرجت في كلية الدراسات الإنسانية، قسم اللغة الإنجليزية وآدابها والترجمة الفورية، بجامعة الأزهر، عام ٢٠٠٩، وتعمل حاليًّا في مؤسسة هنداوي في وظيفة مترجم أول.
من ترجماته: “هدنة لالتقاط الأنفاس”، و”قانون رجال العدالة الأربعة”.