عمى الوجوه
عمى الوجوه
عانى أوليفر ساكس من صعوبة التعرُّف على الوجوه في معظم حياته، ونفس الأمر مع الأماكن لدرجة أنه في مرة لم يستطع العودة إلى منزله، تُعرَف هذه الحالة بعمى التعرُّف على الوجوه، ويوجد منها حالات شديدة قد تجعل الشخص يعجز عن التعرف على زوجته وأطفاله، يصاب الناس بهذا العمى إما بشكل وراثي وإما نتيجة سكتة دماغية أو روم أو أي إصابة تضر بالدماغ.
وعلى الرغم من اكتشاف النوع العام من العمه البصري في القرن التاسع عشر فإن عمه الوجوه والأماكن لم يكن معروفًا، فحتى منتصف القرن العشرين شكَّك أطباء الأعصاب في وجود مناطق إدراك بالدماغ خاصة بفئات معينة، وهذا أخَّر من التعرف على عمى الوجوه، وبعد اكتشافه، بدأ الخلاف حول وجود مكان مخصَّص في الدماغ للتعرف على الوجوه، أم كونه جزءًا من نظام إدراكي بصري كبير.
وبعد ظهور تقنيات تصوير الأدمغة بالأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي، تبيَّن أن مرضى عمه التعرف على الوجوه لديهم جميعًا إصابات في منطقة واحدة، سُميت بـ”منطقة الوجه المغزلي”، واكتُشِف أنهم يعانون من صعوبة التعرف على أشياء أخرى كالتفرقة بين أنواع الفواكه، ولهذا اقترح الباحثون أن عمه التعرف على الوجوه لا يقتصر على الوجوه البشرية فقط، وإنما يمثل جانبًا واحدًا من صعوبة تمييز الأفراد في أي فئة.
وبعد عدد من التجارب، اكتُشِف أنه يوجد جزء من منطقة الوجه المغزلي يمكن تدريبه لتمييز العناصر الفردية لأي نوع، وأن الدماغ لا يتكوَّن من وحدات مستقلة، بحيث يكون لكل وحدة وظيفة عقلية، وإنما تتفاعل كل منطقة من هذه المناطق المتخصِّصة مع العشرات من المناطق الأخرى، ومنها منطقة الوجه المغزلي، فمثلاً لا يعتمد التعرف على الوجوه على تحليل الجوانب البصرية للوجه فقط، وإنما يعتمد أيضًا على التجارب والمشاعر.
الفكرة من كتاب عين العقل
يسرد طبيب الأعصاب أوليفر ساكس عددًا من الحالات الطبية المثيرة للاهتمام التي مرَّت عليه، ويشتركون جميعًا في الإصابة بأمراض عصبية مختلفة أثَّرت في قدرتهم على رؤية وإدراك العالم من حولهم، ويسلِّط الطبيب الضوء على كيفية تكيُّف كل شخص مع حالته ودور العقل البشري في إيجاد طرق مبتكرة ليساعد صاحبه على التعامل مع عالمه المتغير.
مؤلف كتاب عين العقل
أوليفر ساكس: طبيب أعصاب بريطاني، وكاتب، قضى حياته المهنية في الولايات المتحدة الأمريكية، وحاز رتبة القائد في رتب الإمبراطورية البريطانية، وكان عضوًا في جمعية الكلية الملكية للأطباء في بريطانيا.
من أعماله: “الرجل الذي حسب زوجته قبعة”، و”أريد ساقًا أقف عليها”.
معلومات عن المترجمة:
ياسمين العربي: مُترجمة تخرجت في كلية الدراسات الإنسانية، قسم اللغة الإنجليزية وآدابها والترجمة الفورية، بجامعة الأزهر، عام ٢٠٠٩، وتعمل حاليًّا في مؤسسة هنداوي في وظيفة مترجم أول.
من ترجماته: “هدنة لالتقاط الأنفاس”، و”قانون رجال العدالة الأربعة”.