رجل الحروف
رجل الحروف
تلقَّى أوليفر عام 2002 خطابًا من الكاتب الكندي هوارد إنجل يصف فيه أنه يومًا ما وجد نفسه غير قادر على قراءة الصحيفة وبدت له الكلمات وكأنها مكتوبة بالكورية، وعندما ذهب إلى المشفى قيل له إنه أصيب بسكتة دماغية أثَّرت في أجزاء بصرية للجانب الأيسر من الدماغ، ومع ذلك لم تتأثر قدرته على الكتابة، لكنه بالطبع فشل في قراءة ما كتبه، ولهذا شعر باليأس.
رفض هوارد في البداية الاستعانة بشخص آخر أو ببرنامج كمبيوتر يعيد له قراءة ما كتبه لأن هذا يعني التحول من القراءة إلى الاستماع ومن الكتابة إلى الكلام، وتشبه حالة هوارد حالة تشارلز سكيبنر، وهو رجل أدب أصيب بتعذُّر قراءة أيضًا، لكنَّه استطاع إعادة هيكلة حياته الأدبية بالاستماع للكتب الصوتية والكتابة بواسطة الإملاء.
أما هوارد فاتخذ مسارًا مختلفًا وصمَّم على العودة إلى القراءة بشكلها الطبيعي، وبالفعل بعد فترة ظهرت عليه بعض علامات التحسن، حيثُ ساعدته حصيلته اللغوية وإتقانه للغة الإنجليزية على تخمين واستنتاج الكلمات، كما اقترح أحد معالجيه أن يحتفظ بدفتر يسجل فيه أفكاره وأعجبته الفكرة وأسهمت في استقرار ذاكرته وتعزيز هويته ككاتب، وعندما كان يواجه كلماتٍ لم يكن متأكدًا من تهجئتها كان يكتبها في الهواء، وهكذا عوَّض عدم قدرته على تخيُّلها في عقله باستبدالها بفعل حركي.
كما بدأ يحرك لسانه وهو يقرأ، وساعده ذلك على القراءة بشكل أسرع، وهكذا استبدل هوارد القراءة بشكل من أشكال الكتابة، واسترجع قدرته على استخدام الكمبيوتر، وبدأ يكتب لمدة ساعات على جهازه واستعان بأدوات تعالج الكلمات، وتمكَّن من نشر روايتين، ولكن هوارد لم يُشفَ من تعذر القراءة، واستطاع أن يظل كاتبًا رغمًا عنها من خلال إصراره وقدرة عقله على التكيف.
الفكرة من كتاب عين العقل
يسرد طبيب الأعصاب أوليفر ساكس عددًا من الحالات الطبية المثيرة للاهتمام التي مرَّت عليه، ويشتركون جميعًا في الإصابة بأمراض عصبية مختلفة أثَّرت في قدرتهم على رؤية وإدراك العالم من حولهم، ويسلِّط الطبيب الضوء على كيفية تكيُّف كل شخص مع حالته ودور العقل البشري في إيجاد طرق مبتكرة ليساعد صاحبه على التعامل مع عالمه المتغير.
مؤلف كتاب عين العقل
أوليفر ساكس: طبيب أعصاب بريطاني، وكاتب، قضى حياته المهنية في الولايات المتحدة الأمريكية، وحاز رتبة القائد في رتب الإمبراطورية البريطانية، وكان عضوًا في جمعية الكلية الملكية للأطباء في بريطانيا.
من أعماله: “الرجل الذي حسب زوجته قبعة”، و”أريد ساقًا أقف عليها”.
معلومات عن المترجمة:
ياسمين العربي: مُترجمة تخرجت في كلية الدراسات الإنسانية، قسم اللغة الإنجليزية وآدابها والترجمة الفورية، بجامعة الأزهر، عام ٢٠٠٩، وتعمل حاليًّا في مؤسسة هنداوي في وظيفة مترجم أول.
من ترجماته: “هدنة لالتقاط الأنفاس”، و”قانون رجال العدالة الأربعة”.